291

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

الناشر

دار الهلال

رقم الإصدار

-

مكان النشر

بيروت

وَهُوَ رَدِيءٌ لِلْمَحْمُومِينَ، وَأَصْحَابِ الصُّدَاعِ، مُؤْذٍ لِلدِّمَاغِ، وَالرَّأْسِ الضَّعِيفِ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ تُحْدِثُ ظُلْمَةَ الْبَصَرِ وَالْغِشَاءَ، وَوَجَعَ الْمَفَاصِلِ، وَسُدَّةَ الْكَبِدِ، وَالنَّفْخَ فِي الْمَعِدَةِ وَالْأَحْشَاءِ وَإِصْلَاحُهُ بِالْعَسَلِ وَالزَّنْجَبِيلِ الْمُرَبَّى وَنَحْوِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ لِمَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ.
لبن الضأن: أَغْلَظُ الْأَلْبَانِ وَأَرْطَبُهَا، وَفِيهِ مِنَ الدُّسُومَةِ وَالزُّهُومَةِ مَا لَيْسَ فِي لَبَنِ الْمَاعِزِ وَالْبَقَرِ، يُوَلِّدُ فُضُولًا بَلْغَمِيًّا، وَيُحْدِثُ فِي الْجِلْدِ بَيَاضًا إِذَا أُدْمِنَ اسْتِعْمَالُهُ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُشَابَ هَذَا اللَّبَنُ بِالْمَاءِ لِيَكُونَ مَا نَالَ الْبَدَنَ مِنْهُ أَقَلَّ، وَتَسْكِينُهُ لِلْعَطَشِ أَسْرَعَ، وَتَبْرِيدُهُ أَكْثَرَ.
لَبَنُ الْمَعْزِ: لَطِيفٌ مُعْتَدِلٌ، مُطْلِقٌ لِلْبَطْنِ، مُرَطِّبٌ لِلْبَدَنِ الْيَابِسِ، نَافِعٌ مِنْ قُرُوحِ الْحَلْقِ، وَالسُّعَالِ الْيَابِسِ، وَنَفْثِ الدَّمِ.
وَاللَّبَنُ الْمُطْلَقُ أَنْفَعُ الْمَشْرُوبَاتِ لِلْبَدَنِ الْإِنْسَانِيِّ لِمَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنَ التَّغْذِيَةِ وَالدَّمَوِيَّةِ، وَلِاعْتِيَادِهِ حَالَ الطُّفُولِيَّةِ، وَمُوَافَقَتِهِ لِلْفِطْرَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ»: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحٍ مِنْ خَمْرٍ، وَقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ، غَوَتْ أُمَّتُكَ» . وَالْحَامِضُ مِنْهُ بَطِيءُ الِاسْتِمْرَاءِ، خَامُ الْخِلْطِ، وَالْمَعِدَةُ الحارة تهضمه وتنتفع به.
لَبَنُ الْبَقَرِ: يَغْذُو الْبَدَنَ، وَيُخَصِّبُهُ، وَيُطْلِقُ الْبَطْنَ بِاعْتِدَالٍ، وَهُوَ مِنْ أَعْدَلِ الْأَلْبَانِ وَأَفْضَلِهَا بَيْنَ لبن الضأن، ولبن المعز في الرقة واللظ وَالدَّسَمِ، وَفِي السُّنَنِ:
مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَرْفَعُهُ: عَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ، فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ «١» .
لَبَنُ الْإِبِلِ: تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ، وَذِكْرُ مَنَافِعِهِ، فَلَا حاجة لإعادته.

(١) ليس في السنن، بل هو في المستدرك.

1 / 293