الطب النبوي لابن القيم - الفكر

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
103

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

الناشر

دار الهلال

رقم الإصدار

-

مكان النشر

بيروت

فَصْلٌ الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الطَّبِيبُ الْحَاذِقُ الْمَاهِرُ بِصَنَاعَتِهِ، اجْتَهَدَ فَوَصَفَ لِلْمَرِيضِ دَوَاءً، فَأَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ، فَقَتَلَهُ، فَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ دِيَةَ الْمَرِيضِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهَا عَلَى عَاقِلَةِ الطَّبِيبِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا الْإِمَامُ أحمد في خطأ الإمام والحاكم. فَصْلٌ الْقِسْمُ الْخَامِسُ: طَبِيبٌ حَاذِقٌ، أَعْطَى الصَّنْعَةَ حَقَّهَا، فَقَطَعَ سِلْعَةً «١» مِنْ رَجُلٍ أَوْ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ إِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ خَتَنَ صَبِيًّا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ فَتَلِفَ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَالِغُ، أَوْ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، لَمْ يَضْمَنْ، وَيَحْتَمِلُ ألايضمن مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا، فَلَا أَثَرَ لِإِذْنِ الْوَلِيِّ فِي إِسْقَاطِ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا، فَلَا وَجْهَ لِضَمَانِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: هُوَ مُتَعَدٍّ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ، غَيْرُ مُتَعَدٍّ عِنْدَ الْإِذْنِ، قُلْتُ: الْعُدْوَانُ وَعَدَمُهُ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى فِعْلِهِ هُوَ، فَلَا أَثَرَ لِلْإِذْنِ وعدمه فيه، وهذا موضع نظر. فصل وَالطَّبِيبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَتَنَاوَلُ مَنْ يَطِبُّ بِوَصْفِهِ وَقَوْلِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُخَصُّ بِاسْمِ الطَّبَائِعِيِّ، ويمروده، وَهُوَ الْكَحَّالُ، وَبِمِبْضَعِهِ وَمَرَاهِمِهِ وَهُوَ الْجَرَائِحِيُّ، وَبِمُوسَاهُ وَهُوَ الْخَاتِنُ، وَبِرِيشَتِهِ وَهُوَ الْفَاصِدُ، وَبِمَحَاجِمِهِ وَمِشْرَطِهِ وَهُوَ الْحَجَّامُ، وَبِخَلْعِهِ وَوَصْلِهِ وَرِبَاطِهِ وَهُوَ الْمُجَبِّرُ، وَبِمِكْوَاتِهِ وَنَارِهِ وَهُوَ الْكَوَّاءُ، وَبِقِرْبَتِهِ وَهُوَ الْحَاقِنُ، وَسَوَاءٌ كَانَ طِبُّهُ لِحَيَوَانٍ بَهِيمٍ، أَوْ إِنْسَانٍ، فاسم الطبيب يطلق لغة على

(١) السّلعة: زيادة تحدث في البدن كالغدة تتحرك إذا حركت

1 / 105