وأيضا أصناف الطير تختلف من قبل أفعالها وتدابير معايشها، لأن منها ما يكون مع كثير من أصحابه؛ مثل الرف الذى يطير، ومنها ما يفارق سائر الطير الذى يناسبه ويشبهه وينفرد [٥] بنفسه، وذلك يعرض فى الطير والحيوان المشاء، وما يعوم منه. ومن الحيوان ما يفعل الفعلين: فيكون مرة متوحدا منفردا، ومرة مجتمعا مع ما كان مثله. ومن الحيوان المنفرد ما هو مدينى، ومنه ما يأوى القرى والمزارع. فأما الطير الذى يأوى مع أصحابه ويشاركهم بالجنس فمثل الحمامة والغرنوق والطير الذى يقال له ققنس (فأما ما كان من الطير الذى له أظفار معقفة، أعنى منحنية فليس يمكن أن يكون معه شىء من أمثاله)؛ وكذلك يعرض لكثير من أجناس السمك، مثل الذى يسمى باليونانية دروماذاس وثونو وبيلاموداس وأميا. فأما الإنسان فإنه يفعل الفعلين جميعا، لأنه ربما توحد وانفرد بنفسه، وربما كان مع الجماعة. فأما الحيوان المدينى فهو الذى يفعل كل ما ينسب إلى جنسه فعلا واحدا ويعمل عملا واحدا. وليس يفعل مثل هذا الفعل كل حيوان يأوى مع أمثاله. ومثل ما وصفنا: الانسان، والنحلة، والدبر، والنملة، والغرنوق. ومن هذا الحيوان ما يرأسه رأس ويكون له مطيعا، مثل جنس الغرانيق والنحل: فإن لهما رئيسا ومدبرا. ومنه ما ليس له رئيس ولا مدبر، مثل النمل وكثير من أشباهه. ومن الحيوان المنفرد و〈ذلك〉 الذى يكون مع أصحابه ما يكون فى مكانه مقيما فى كل زمان، ومنها ما يغيب فى بعض الأزمنة ثم يرجع إلى مكانه.
〈طرق المعيشة〉
ومن الطير ما يأكل الحبوب (ومنه ما يأكل الحبوب)؛ ومنه ما يأكل كلا، ومنه ما يأكل طعاما خاصا مثل جنس النحل وجنس العنكبوت: فإن طعم النحل العسل وأشياء أخر كثيرة من الحلو، فأما العنكبوت فإن معاشه من صيد الذباب. ومنها ما يعيش من أكل السمك. وبعضها صيادة، وبعضها مدخرة لطعمها، وبعضها على خلاف ذلك. ولبعض الحيوان مسكن ومأوى، وبعضه لا مسكن له. فأما الذى له مسكن منها فمثل الخلد والفأر والنحل والنمل. فأما ما ليس له مسكن، فمثل كثير من الحيوان المحزز الجسد وما كان منه ذا أربعة أرجل. وأيضا بعض الحيوان يأوى فى شقوق الصخر والحيطان والأماكن الضيقة مثل السام أبرص، والحيات. وبعضها يكون فوق الأرض مثل الفرس والكلب. ولبعضه أحجار موافقة لمأواها، وبعضها على خلاف ذلك. وأيضا بعضها يتحرى ويكسب مصلحة معاشه ليلا مثل البومة والوطواط؛ وبعضها يتحرك ويعيش فى النهار.
صفحة ١٤