في مصر الجديدة وفي بيت أنيق ولج نجيب يتبعه خيري، وحين هم نجيب بالصعود قال خيري: الله يخرب بيتك، إلى أين؟ - وأنت ما لك، اطلع، اسمع، لا تنطق أنت بشيء. - أمرك.
وعلى باب شقة في الدور الثاني وقف نجيب ودق الجرس، ووقف خيري من ورائه ذاهلا دهشا خائفا متشوقا مفكرا في كل شيء. وأجاب الجرس رجل مهيب الطلعة ذو شاربين أنيقين وخطهما الشيب وقامة مديدة وقوام ممشوق لم تعد عليه السن، وقال الرجل وهو يطل من ضلفة الباب: من؟
وأوشك خيري في سرعة خاطر أن يسأل عن اسم وهمي يعلل به مجيئهما ثم ينصرف، وكأنه أخطأ في العنوان، ولكن نجيب سارع يقول: أنا يا عمي. - أهلا، كيف أنت يا بني يا ...؟
وقال نجيب: نجيب، نجيب يا عمي، قد جئت في الأمس مع صلاح. - نعم، نعم، أذكرك يا بني تماما، ادخل يا نجيب.
وقال نجيب: الأستاذ خيري صديقي. - أهلا، تفضلا.
وتقدمهما الرجل الكبير إلى غرفة الجلوس، وهم خيري أن يقول شيئا، ولكن نجيب وضع سبابته أمام شفتيه وهو يقول: هس.
فدخل نجيب إلى البهو، وراعه أول ما راعه سيفان على الحائط يحيطان بصورة الرجل الذي لقيهما، وقد بدا في الصورة أعظم منظرا وأشد هيبة. ورأى تحت السيفين مسدسين قديمين كقوسين حول أسفل الصورة، ثم لم يجد سعة من الوقت ليرى شيئا آخر، فقد وجد نفسه مسحوبا إلى غرفة على شيء من الأناقة عرف أنها غرفة الجلوس.
وقعد الثلاثة ودار بينهم الحديث، ولكن قليلا ما دار، فقد قطعه نجيب: الهوانم هنا؟
وقال الرجل في وقار: أخواتك هنا.
ثم نادى: يا ليلى، يا يسرية.
صفحة غير معروفة