من الأمر ما لا يفعل الأخوان
هل أنا أخو دولت؟ نعم قال أخوها إنه يعتمد علي في رعاية أمرهم. ولكن أكان يقصد ما يقول أم هي عبارة يلقيها بعض الناس إلى بعض ليظهروا مقدار ثقتهم وحبهم لبعضهم البعض؟ نعم أعترف أنه يحبني، وما البأس في ذلك؟ وأخته أيضا تحبني، وأنا ... أعجب بها، ألا بد من الحب في هذا الذي أقدم عليه؟ ألا بد من تفكير كهذا الآن؟ إنها قادمة، بقوامها الحلوة، وقميصها الوردي، قميص وفية، أتلبسه اليوم؟ لا أدري، إن كانت عرفت أنني أدركت أنه قميص وفية، أتراها تلبسه؟ سنرى مقدار ذكائي. لا شك أن عيني أظهرت لها أنني أدركت، ترى أتلبسه اليوم؟ وماذا تلبسه غيره؟ وأين لها بغيره؟ من مرتبها الضئيل أم من أخيها حامد؟ رجعنا إلى حامد. أي شيطان يرسل به إلى ذهني كلما نسيته؟ هل نسيته؟ لا بد أن أنساه، ألا يستطيع جمال دولت الصارخ أن يطغى عليه؟ لا يستطيع فمها العذب؟ دولت ... دولت.
وطرق الباب في همس، وقام خيري إليه مسرعا، ودخلت دولت، وأسرعت تقفل الباب وترد رتاجه وتسأل لاهثة: متأكد أننا وحدنا؟
ولف ذراعه حول خصرها قائلا: طبعا، تعالي وانظري بنفسك. - لمن هذه الشقة؟ - لصديق لي طلبت إليه أن يتركها الليلة.
وكانت دولت قد بلغت حجرة النوم وهي تقول: صحيح؟ - ما هذا الفستان الأنيق؟
كان فستان دولت من الحرير الأخضر، ولو حكم خيري ذوقه لما رآه أنيقا بحال من الأحوال، فهو رخيص الصنع من هذا النوع الذي تلبسه متوسطات الحال في أيام العيد. وقد كانت دولت تستطيع أن تختار خيرا منه، ولكنها ما كانت لتفعل، فكل ما يفضله عندها من ملابس وفية، ولم تكن تحب أن تلبس شيئا لوفية في يومها هذا، وقدرت أنها غالبا ستستغني عن الفستان، وقدرت أيضا أن جمالها يغفر كل عيب فيما تلبس، أدركت دولت أنه يريد أن يبدأ حديثا ليس إلا، فهي تعلم أن الفستان ليس خليقا برضائه، قالت: أيعجبك؟ - طبعا.
وقالت في دلال وهي تجلس إلى الأريكة ذات المساند والوسائد: هو أم القميص؟ - كلاهما، أما ما يعجبني أكثر منهما فهو ...
ونظر إلى نهديها فقالت: هيه؟ - ما تحتهما. - لا أفهم. - أقصد هذا.
ولم تجعل يده سبيلا لها ألا تفهم، فقالت: على مهلك، انتظر.
ولم يتمهل أو ينتظر، وإنما راح يفك أزرار الفستان وهي تقول في دلال: ستقطع الزر، انتظر، اسمع، لا شأن لك بملابسي.
صفحة غير معروفة