[chapter 4: 5] فصل فى العلة الأولى
إن كل كثرة هى بعد الواحد.
فإن ألفيت كثرة قبل الواحد، كان الواحد من الكثرة ولم يكن فى الكثرة التى قبل الواحد البتة، إذ كان الشىء كثيرا قبل أن يكون واحدا، لأنه لا يكون فيه ما ليس. فأما الشىء الذى فيه الواحد 〈فهو واحد〉 ولا واحد معا على معنى ومعنى، فنقول إن الواحد غير موجود قبل أن تكون الكثرة إذ كانت الكثرة قبل الواحد، وهذا محال غير ممكن، أقول أن يكون الشىء كثيرا وليس فيه الواحد البتة. فإن كان هذا غير ممكن، لم تكن الكثرة إذا قبل الواحد.
فإن قال قائل إن الواحد والكثرة هما قديمان معا وليس الواحد قبل الآخر أو بعده، يمكن إذا أن يتكثر الواحد، ويكون أيضا كل جزء من أجزائه لا واحد وهذا 〈إلى〉 ما لا نهاية له، ولا يمكن هذا أن يكون. فإن كان هذا غير ممكن، فلا محالة إذا فى طبيعة الكثرة الواحد موجود، ولسنا نقدر أن نأخذ منه شيئا إلا وذلك الشىء واحد؛ فإن لم يكن واحدا كان الشىء الكثير غير ذى نهاية مركبا من أشياء لا نهاية لها، وهذا محال. فان كان هذا محالا، فلا محالة إذا أن الواحد موجود فى الكثرة حقا حقا.
ونقول أيضا إن لم تكن فى الواحد الذى هو بذاته واحد فقط كثرة البتة، كانت الكثرة بعد الواحد لا محالة، وكان الواحد الموجود فى الكثرة من غير الكثرة فى الواحد الذى هو واحد حقا.
صفحة ٩