[chapter 13: 73] فصل فى العلة الأولى
كل كلية فهى هوية أيضا، وليس كل هوية كلية.
وذلك إما أن تكون الهوية والكلية شيئا واحدا، وإما أن يكون أحدهما قبل الآخر. فنريد أن نفحص عن ذلك فنقول 〈إن〉 الجزء هوية وليس هو بذاته كليا، فليس إذا الهوية والكل شيئا واحدا؛ فإن كانا شيئا واحدا، لم يكن الجزء هوية البتة، إذ كان الكل وحده هوية. فإن لم يكن الجزء هوية، لم يكن الكل هوية أيضا، لأن كل كلى إنما يسمى كليا لحال الأجزاء، إلا أنه ربما كان قبلها وربما كان فيها؛ فإذا لم يكن الجزء، لم يكن الكل البتة.
فإن كان الكل قبل الهوية، كان كل هوية كلا أيضا معا. فإن كان ذلك كذلك، لم يكن الجزء هوية البتة، وهذا محال غير ممكن؛ وذلك 〈أنه〉 إن كان الكل إنما هو كلى للأجزاء، كان الجزء أيضا للكل جزءا. فإن كان هذا على ما وصفنا، كان لا محالة كل كلى هوية أيضا، وليس كل هوية كلا كما ذكرنا آنفا.
فقد استبان الآن مما ذكرنا وصح أن الهوية الأولى أرفع وأعم من الكلية، إذ كانت الهوية واقعة على أشياء أكثر والكلية واقعة على أشياء أقل. والعلة التى تعم أشياء كثيرة هى أفضل وأعم من العلة التى تعم أشياء قليلة. وإن كان ذلك كذلك، كانت لا محالة العلة الأولى هوية فقط لا يخالطها شىء من الكيفيات .
صفحة ٢٥