وذلك أنه إن كان كل ما رجع إلى ذاته إنما يتصل إلى شىء ما، أقول إلى ذلك الشىء الذى يرجع إليه، فلا محالة إذا أن أجزاء الجرم كلها تتصل بكليتها، أعنى الجرم الراجع إلى ذاته. والرجوع إلى الذات هو أن يكون الراجع والمرجوع إليه واحدا غير مختلف. وهذا لا يمكن أن يكون فى الأجرام ولا فى شىء من الأشياء التى تتجزأ، ولا يتصل كله بكله من أجل افتراق الأجزاء واختلاف المواضع — أقول إن لكل واحد من الأجزاء موضعا غير موضع غيره من الأجزاء. فإن كان هذا على هذا فلا يمكن إذا لجرم من الأجرام أن يرجع إلى ذاته كرجوع الكل إلى الكل. فنرجع فنقول أيضا إن كل ما أمكن أن يرجع إلى ذاته فهو روحانى لا جرمى ولا يقبل القسمة ولا التجزئة.
فقد استبان الآن وصح أن هاهنا أشياء روحانية هى صور فقط لا هيولى لها البتة.
صفحة ١٤