مستوى البشرية، وأن لا تقبل الحقيقة كما هي ولا ترضخ حتى للتاريخ الذي لا يحابي أحدًا من الناس.
إنّ التاريخ ليشهد بأنّ أول من أسلم من الصحابة ونصر الإسلام بنفسه وأهله وماله هو أبو بكر الصدّيق، فكان أول من صدّقه حين كذَّبه الناس، وواسى رسولنا الكريم بنفسه وماله، كما قال ﵌ وهو يخاطب الصحابة: (إنّ الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي) (١).
أما المسارعة إلى الإسلام وعدم التردد فتفوق فيها الإمام أبو بكر الصدّيق ﵁ على الإمام علي بن أبي طالب ﵁.
وفي هذا يقول النبي ﵌: (ما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له عنده كبوة وتردد غير أبي بكر (٢)، فإنه لم يتلعثم) (٣).
(١) رواه البخاري – كتاب فضائل الصحابة – باب (لو كنت متخذًا خليلًا) – حديث رقم (٣٤٦١) وسنن البيهقي الكبرى- باب شهادة أهل العصبية – حديث رقم (٢٠٨٨٤).
(٢) قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية ١/ ١٢١": (فإنّ الحق الظاهر لا يحتاج إلى روية ولا فكر ولا نظر بل يجب اتباعه والانقياد له متى ظهر ولهذا قال رسول الله ﵌ مادحًا للصديق: (ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت له كبوة غير أبي بكر فإنه لم يتلعثم)، ولهذا كانت بيعته يوم السقيفة أيضًا سريعة من غير نظر ولا روية لأنّ أفضليته على من عداه ظاهرة جلية عند الصحابة ﵃ ولهذا قال رسول الله ﵌ لما أراد أن يكتب الكتاب الذي أراد أن ينص فيه على خلافته فتركه، وقال: (يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر».
(٣) الشيخان أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب وولدهما برواية البلاذري في أنساب الأشراف ص٢١ ودلائل النبوة للبيهقي ٢/ ١٦٣ - ١٦٤
1 / 188