لا يتصور فيه أن تقام على يديه دعوة أو نصرة دين، وإنما يُتصور ذلك في الكبار بقدر ما لديهم من العطاء والصمود.
ولهذا جاء في حديث عمرو بن عبسة السلمي ﵁ وهو يحكي قصة إسلامه ما يدل على هذا المعنى حيث يقول: (كنت وأنا في الجاهلية أظن أنّ الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارًا فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله ﵌ مستخفيًا جُرآءُ (١) عليه قومه، فتلطّفت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت (٢)؟ قال: أنا نبي فقلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، فقلت: وبأيّ شيء أرسلك؟ قال: أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يُوحّد الله لا يُشرك به شيء، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: حر وعبد قال: -ومعه يومئذ أبو بكرٍ وبلالٌ ممن آمن به-، فقلت: إنّي مُتّبِعُكَ، قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتِني ...) (٣) وفي مسند أحمد (قلت: آلله أرسلك، قال: نعم، قلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: بأن يُوحّد الله ولا يُشرك به شيء، وكسر الأوثان وصلة الرحم، فقلت له: من معك على هذا، قال: حر وعبد أو عبد
(١) جمع جريء كبرئ وبرآء من الجراءة، وهي: الإقدام والتسلط.
(٢) ولم يقل: من أنت، لأنه سأله عن صفته لا عن ذاته، والصفات مما لا يُعقل.
(٣) صحيح مسلم –كتاب فضائل القرآن وما يتعلق به - باب إسلام عمرو بن عبسة – حديث رقم (٨٣٢).
1 / 185