الثبات عند الممات
محقق
عبد الله الليثي الأنصاري
الناشر
مؤسسة الكتب الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦
مكان النشر
بيروت
أَرِسْطَا وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الْفَلاسِفَةِ الْقُدَمَاءِ ٣٨٤ ٣٢٢ ق م
قَدْ كَانَتِ الْفَلاسِفَةُ تُؤْثِرُ الْمَوْتَ لأَنَّ عِلْمَهُمْ دَعَاهُمْ إِلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ خَيْرٌ لِلنَّفْسِ
هَذَا وَعِلْمُهُمْ غَيْرُ صَادِرٍ عَنِ النُّبُوَّاتِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الْفَلْسَفَةُ حَدَسٌ قَدْ يُوَافِقُ الإِصَابَةَ وَقَدْ يُخْطِئ وَالنُّبُوَّةُ حَقٌّ تُصِيبُ وَلا تُخْطِئ وَفَرْقٌ بَيْنَ مَنْ كَانَ مَصْدَرُهُ حَدَسًا وَبَيْنَ مَنْ كَانَ مَصْدَرُهُ وَحْيًا
وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ ابْنِ عَقِيلٍ قَالَ حَضَرَتْ أَرِسْطَا الْوَفَاةُ فَرَأَى تَلامِيذَهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ كَرِبًا لِذَلِكَ فَسَأَلُوهُ عَنْ كَوْنِهِمْ فِي حُزْنٍ وَهُوَ فِي سُرُورٍ فَقَالَ ثِقَةً مني بِالروحِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالُوا وَمَا سَبَبُ الثِّقَةِ فَقَالَ أَخْبِرُونِي أَمُوقِنُونَ أَنْتُمْ بِفَضْلِ الْفَلْسَفَةِ قَالُوا لَوْلا عِلْمُنَا بِفَضْلِهَا مَا اقْتَبَسْنَاهَا فَقَالَ أَذَلِكَ الْفَضْلُ فِي الدُّنْيَا أَمْ فِي الآخِرَةِ قَالُوا إِذَا أَقْرَرْنَا بِفَضْلِ الْفَلْسَفَةِ وَرَأَيْنَا غَيْرَ أَهْلِهَا فِي الدُّنْيَا أَفْضَلَ عَيْشًا مِنْ أَهْلِهَا فَقَدِ اضْطَرَّنَا الرَّأْيُ إِلَى أَنْ نُوجِبَ ذَلِكَ الْفَضْلَ لأَهْلِهَا فِي الآخِرَةِ قَالَ فَإِنَّكُمْ إِنْ كَرِهْتُمُ الْمَوْتَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ فَقَدْ كَرِهْتُمُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي فِيهَا الْفَضْلُ لَكُمْ وَرَضِيتُمُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي فِيهَا الضَّرَرُ عَلَيْكُمْ ثُمَّ إِنَّكُمْ حَقًا أَنْ تَنْتَظِرُوا مَا هَذَا الْمَوْتُ الْمَكْرُوهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ هَلْ يَجِدُونَهُ غَيْرَ مُفَارَقَةِ الرُّوحُ الْجَسَدَ قَالُوا لَا قَالَ فَهَلْ
1 / 93