هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو) (١).
إن الذين عاشوا حياة الصبر ذاقوا لذتها وقطفوا ثمرتها وتركت تلك المواقف الصابرة أثرها في حياتهم، قال عمر ﵁: (وجدنا خير عيشنا بالصبر) (٢)، وقال ﷺ: «.. وما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر» (٣).
وقد وصف رسول الله ﷺ الصبر بقوله: «والصبر ضياء» (٤).
يقول النووي: (والمراد أن الصبر محمود، ولا يزال صاحبه مستضيئًا مهتديًا مستمرًّا على الصواب) (٥).
وقد تعجب رسول الله ﷺ من الخيرية التي تعم حياة الصابرين "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له» (٦). وقال تعالى: ﴿... وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ﴾ [النحل: ١٢٦] وأهم ما في حياة الصبر من الخير أنها تميز الصف، وتكشف معادن الرجال ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد: ٣١].
وقد يظن الناس أن الصبر ذلة لصاحبه مع أن رسول الله ﷺ يؤكد أنه «.. ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله ﷿
_________
(١) عن فتح الباري ٣/ ١٥٠ من شرح كتاب الجنائز - باب ٣١ - الحديث ١٢٨٣.
(٢) ذكره البخاري في ترجمة الباب ٢٠ من كتاب الرقاق.
(٣) صحيح البخاري - كتاب الزكاة - باب ٥٠ - الحديث ١٤٦٩.
(٤) صحيح مسلم - كتاب الطهارة - باب ١ - الحديث ١/ ٢٢٣ (شرح النووي ٢/ ١٠١).
(٥) شرح النووي لصحيح مسلم ٢/ ١٠٣ - ١٠٤.
(٦) صحيح مسلم - الزهد والرقائق - باب ١٣ - الحديث ٦٤/ ٢٩٩٩ (شرح النووي ٩/ ٣٣٥).
1 / 82