هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
مصطفى السباعي ﵀: (لقد مرَّت بنا فترات كانت فيها أعصاب الشباب تدفعنا إلى اتهام خصومنا في الرأي، فاللَّهم نشهدك أنا رأينا بأعيننا خطأ ما فعلنا ولمسنا بأيدينا نتيجة ما أفرطنا) (١)، وتلك الصراحة ترفع صاحبها في نظر الناس وتزيدهم ثقة به.
ويجب أن نكون عونًا للناس على أن يصارحوا، فلا نشدد النكير عليهم إن أظهروا من أنفسهم ضعفًا، ففي قصة المرأة التي جاءت تصارح رسول الله ﷺ، طالبة الطلاق من زوجها - مدعية عدم قدرته على القيام بحقها - قائلة: (ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهُدْبة - لهُدْبة أخذتها من جلبابها - وما يزيد رسول الله ﷺ على التبسم) (٢)، فاحترم صراحتها، وقضى قضاءه بصراحة أيضًا.
ومن صور الصراحة الصادقة: موقف بشير بن الخصاصية ﵁، حين جاء يعاهد رسول الله ﷺ على أعمال من الإسلام، فوافق على كل شيء إلا الزكاة والجهاد، وكان من قوله: (أما الجهاد: فإني رجل جبان، وأخاف إن حضر القتال، أن أخشع بنفسي فأفر، فأبوء بغضب من الله)، فلما قال رسول الله ﷺ: «يا بشير، لا صدقة ولا جهاد فبم إذًا تدخل الجنة؟» (٣)، بايعه على كل شيء، ولم يُعلِّق رسول الله ﷺ على صراحته تلك، ووصفه نفسه بالجبن، بما يجرحه أو يؤذيه.
كم تخسر من الأصحاب بسبب عدم الوضوح والصراحة!
يقول علي ﵁: (لا تقطع أخاك عن ارتياب، ولا تهجره دون
(١) أخلاقنا الاجتماعية - ص ٦٥.
(٢) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٦٨ - الحديث ٦٠٨٤ (الفتح ١٠/ ٥٠٢).
(٣) عن حياة الصحابة ١/ ٢٤٠ - ٢٤١: وأخرجه أحمد ٥/ ٢٢٤، ورجاله موثقون - كما قال الهيثمي -.
1 / 186