128

هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا

الناشر

دار طيبة للنشر والتوزيع

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

الاستعانة بساحر في حل السحر عن المصاب به، وقال في ذلك: (لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم يُنهَ عنه) (١)، فالأصل في المسلم أنه يسعى لنفع الناس لا أنه يمنع النفع عنهم (٢).
وتجد بعض النفوس أحيانًا تمتنع عن الإقدام على أعمال لا تضرها، مع أن فيها نفعًا لغيرِها، اقتصارًا على مصالحها الشخصية في حدود ذواتها واهتماماتِها، وليس هذا من شأن المسلم، ولذلك عنَّف عمر بن الخطاب ﵁ محمد بن مَسْلَمة لما منع الضحَّاك بن خليفة من حفر ساقية ماء تصل إلى أرضه مارَّة بأرض محمد بن مسلمة، فقال عمر: (لِمَ تمنع أخاك ما ينفعه، وهو لك نافع، تسقي به أولًا وآخرًا، وهو لا يضرك .. والله ليَمُرَّنَّ به ولو على بطنك) (٣).
إن الأصل في المسلم أنه يسعى إلى تقديم الخدمة لمن يحتاجها، والنصيحة لمن يجعلها، والمنفعة إلى مَن هو أهل لها، بمبادرة منه وحرص من طرفه، ورسولُنا ﷺ كان يسعى إلى العباس ليقول له: "يا عم! ألا أحبوك؟ ألا أنفعك؟ ألا أصلك؟ .. " (٤)، وعلَّمه صلاة التسبيح، وهكذا كان يعرض نفسه للنفع، ويعلم الناس النفع، وكان من وصية رسول الله ﷺ لأبي برزة حين جاءه يقول: يا رسول الله،

(١) صحيح البخاري - الطب - من ترجمة الباب ٤٩ (الفتح ١٠/ ٢٣٣).
(٢) هذا الكلام في حل السحر على إطلاقه فيه نظر، وانظر الضوابط في ذلك في كتاب: (النذير العريان لتحذير المرضى والمعالجين بالرقي والقرآن) لفتحي بن فتحي الجندي وهو من منشورت دار طيبة. وانظر أيضًا: (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) في باب النشرة.
(٣) موطأ مالك - كتاب الأقضية - باب ٢٦ - الحديث ٣٣.
(٤) صحيح سنن ابن ماجه - الصلاة - باب ١٩٠ - الحديث ١١٣٨/ ١٣٨٦ (صحيح).

1 / 150