قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيم * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيم﴾ (الأحقاف: ٢٩ - ٣١)، وإجارة الله ﷾ معناه: أنه يحميهم ويحفظهم من عذابه ﷾.
وقريبٌ من هذا ما جاء في سورة "المؤمنون" في قول الله تعالى إثباتًُا لوحدانيته: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون َ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ (المؤمنون: ٨٨، ٨٩) والمقصود بقوله: ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ أنه ﷾ هو الذي يجير من يجيره من أوليائه؛ يحميهم ويحفظهم، ولا يستطيع أحد أن يجير على الله ﷾ بأن يقول: هذا إنسان في جواري، فلا يصل إلى هذا الإنسان من العذاب ما أراد الله له؛ لأنه كفَر بالله ورسوله وحارب الله ورسوله؛ لأنه أمثال هؤلاء ليس لهم من دون الله ولي ولا نصير.
وأيضًا نجد هذا في سورة "الملك": ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الملك: ٢٨)، هذه أيضًا إجارة الله ﷾، ولا يمكن لأي مخلوق أن ينقذ الكافرين من عذاب الله جل وعلا.
وأيضًا في هذا السياق نقرأ في سورة "الجن" قول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلاَّ بَلاَغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ﴾ (الجن: ٢٢، ٢٣) فهذا رسول الله ﷺ يخبر عن ربه قائلًا: بأنه لن يجيره من الله أحدٌ وأنه لن يجد من دون الله ملتحدًا؛ لأنه مبلغ عن الله رسالته، ولو كذب فلن يستطيع أحدٌ أن يجيره من الله ولا أن يمنع عنه عذاب الله، فصلوات الله وسلامه على هذا الرسول الأمين الكريم ﷺ.
1 / 84