المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة
الناشر
الجامعة الإسلامية
رقم الإصدار
السنة التاسعة-العدد الرابع
سنة النشر
ربيع أول ١٣٩٧هـ/ ١٩٧٧م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
وجوب تبليغ الدعوة وإعداد الدعاة
كان من رحمة الله بالناس أن جاءتهم الدعوة الإلهية بما اشتملت عليه من أسس صالحة، ونظم كاملة لكافة جوانب الحياة.
وقد أوجب الله تعالى تبليغ دعوته للناس حيث أمر رسوله محمدا ﷺ بذلك في قوله تعالى ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ ١والأمر يفيد الوجوب ومن المعلوم الأصل في خطاب الله لرسوله دخول أمته فيه إلا ما استثنى وليس في هذا المستثنى أمر الله ﵎ بالدعوة لدينه، فبقى وجوب تبليغ الدعوة على المسلمين كما وجب على رسوله ﷺ وقد وجه الرسول ﷺ أصحابه إلى هذا الواجب حيث أمرهم وقال: " ليبلغ الشاهد منكم الغائب " ٢، كما أن طبيعة الإسلام تؤكد هذا الواجب لأنه دين عام خالد يستلزم استمرار الدعوة إليه وتبليغه للناس.
وواجب تبليغ الدعوة جدير في الحقيقة برسول الله ﷺ، ومواهبه وإيمانه، وإخلاصه، وبعده يجب أن يستمر على نمطه بواسطة دعاة يعدون لحمل الأمانة، وأداء الواجب المطلوب.
وإعداد هؤلاء الدعاة واجب حيث أمر الله بذلك في قوله تعالى ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ ٣ فبان بذلك أن على المسلمين أن لا يخرجوا جميعا للجهاد في سبيل الله، وإنما عليهم أن يخصصوا من كل جماعة نفرا يخرجون للدعوة، يتحملون المشقة في فقهها، ومعرفة طرق الإنذار بها، قاصدين من هذا الإعداد إرشاد غيرهم والنصيحة لهم أملا في هدايتهم وإيمانهم.
وقال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ٤ والأمة هي طائفة عالمة حيث أمر الله المسلمين من بينهم جماعة
_________
١ - سورة النحل من آية ١٢٥
٢ - صحيح البخاري. كتاب العلم باب ليبلغ الشاهد الغائب.
٣ - سورة التوبة آية ١٢٢
٤ - سورة آل عمران آية ١٠٤
1 / 79