أجل فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه فيقول له الذي عليه المال: أخّر عني دينك وأزيدك على مالك فيفعلان ذلك (^١).
فالتقوى حينئذ تكون رادعة من الوقوع في هذه المعاملة لأنها من صفات الجاهلية ولذلك جعل العقوبة لمن لم يرتدع النار التي أعدت للكافرين.
كان أبو حنيفة ﵀ يقول: (هي أخوف آية في القرآن حيث أوعد الله المؤمنين
بالنار المعدة للكافرين إن لم يتقوه في اجتناب محارمه). (^٢)
وكما أمر الله المؤمنين بتقواه في مبدأ تحريم الربا (^٣)، فقد أمرهم بها كذلك حينما أغلق باب المعذرة في أكله فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)﴾ [البقرة: ٢٧٨].
فأمرهم الله بتقواه قبل الأمر بترك الربا لأن تقوى الله هي أصل الامتثال والاجتناب وترك الربا من جملتها (^٤).
وقد ختم الله هذه الآيات بالأمر بتقواه كذلك فقال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)﴾ [البقرة: ٢٨١]، فهذه الآية آخر ما نزل على رسول الله ﷺ كما صح عن ابن عباس ﵁ أنه قال: (آخر آية نزلت على النبي ﷺ آية الربا) وسماها آية الربا لأنها جاءت في ختامها معطوفة عليها فدخلت في حكمها ووصفها (^٥) وجعلت هذه الآية خاتمة لهذه الأحكام والأوامر والنواهي لأن فيها الوعد على الخير والوعيد على فعل الشر (^٦). فتكرير الأمر بالتقوى في هذه الآيات، تقطع أي طريق للتحايل أو التلاعب، وإن سمي
(^١) جامع البيان ٧/ ٢٠٤ (^٢) الكشاف، الزمخشري (١/ ٢١٦) (^٣) الظاهر أن هذه الآية نزلت قبل نزول آية سورة البقرة فكانت هذه تمهيدا لتلك ولم يكن النهي فيها بالغا ما في سورة البقرة. انظر التحرير والتنوير (٣/ ٨١) (٤/ ٨٥). (^٤) التحرير والتنوير، ابن عاشور (٣/ ٩٣). (^٥) رواه البخاري في كتاب التفسير، سورة البقرة، باب (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) ورقمه (٤٢٧٠). (^٦) تيسير الكريم الرحمن (ص ١١٧)
1 / 40