الرسائل الحربية في عصر الدولة الأيوبية
الناشر
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
تصانيف
وبالرغم من استماتة الأعداء في القتال وتكاثرهم، واتخاذهم الأسوار المنيعة والأبرجة المنيفة، والودية العميقة، والأماكن الوعرة الحصينة، فقد نفذ السلطان برجاله إليهم، وأحاط بهم، فأخذوا يراسلونه بقصد مراوضته حتى تصلهم النجدة، ولكنه كشف حيلتهم، وأنزل الهزيمة الساحقة بهم، إذ أخذت المنجنيقات تضرب في جوانب السور، كما انطلقت سهامها تتخلل شرفاته كما يتخلل السواك ثنايا الفم، وكان المنجنيق في أثناء ذلك كله يعلو في السماء حينا، وينخفض إلى الأرض حينا كأنه النسر، واستطاع المنجنيق كذلك أن يشق فتحات الأبراج التي تتخلل السوار جميعها من الناس، كما خلا ميدان القتال نفسه من الجند، أما النقابون فقد استطاعوا أن يكشفوا النقاب عن هذه الحرب الزبون، يدكوا هذه الحصون حنى عادت سيرتها الأولى من الطوب والحجارة، ثم عاد المنجنيق إلى تلك الصخور التي أمامه بمعوله طحنا، وما زال يضربها ضربا حتى لم يعد لها أثر.
وسمعت الصخرة الشريف لتلك الصخور أنينها واستغاثتها وحنينها، فرقت لها، وعجبت لخرابها، وعاد النقابون ففتحوا أبوابا أخرى في السور أيأست العدو من النجاة، وصاح الكاتب عندها: واحسرتاه ١.
_________
١ الدكتور عبد اللطيف حمزة - الأدب المصري ص ١٨٤، ١٨٥.
58 / 181