أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم

مساعد الطيار ت. غير معلوم

أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم

الناشر

دار ابن الجوزي

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٣٤ هـ

تصانيف

أنواع التَّصنيف المتعلِّقة بتَفسير القُرآن الكريم إعداد د. مساعِد بن سُليمان بن ناصر الطيَّار أستاذ التفسير المشارك بجامعة الملك سعود دار ابن الجوزي بسم الله الرحمن الرحيم

1 / 1

ـ[عرض أنواع التَّصنيف المتعلِّقة بتَفسير القُرآن الكريم]ـ (*) عرض: عمرو الشرقاوي إعداد د. مساعِد بن سُليمان بن ناصر الطيَّار أستاذ التفسير المشارك بجامعة الملك سعود صدر الكتاب عن دار ابن الجوزي بعدة طبعات مختلفة، آخرهن طبعة مجلدة. وقد ذكر المؤلف أنه لمْ يَسِرْ على نظامٍ مُجَدْوَلٍ في كلِّ تصنيفٍ، بل كان يكتبُ ما يمليه الخاطرُ؛ لذا لم يكن للمعلوماتِ ترتيبٌ معيَّنٌ. وذكر المؤلف مدخلًا يتعلَّقُ بتصنيفِ العلومِ التي يشملُها علمُ «علومِ القرآنِ». واستطرد في ذكرِ قضيَّةِ تداخلِ موضوعاتِ «علوم القرآنِ»، وهي قضيَّةٌ مهمَّةٌ تحتاجُ إلى نظرٍ ودراسةٍ؛ لأنَّه قد يمكنُ أن تُدرسَ جملةٌ من علومِه تحتَ مسمًّى واحدٍ تترابطُ فيه مسائلُ هذا العلمِ؛ ويبنى عليها ما بعدها من المسائلِ. كما نبه على أن علم التَّفسيرِ جزءٌ من علومِ القرآنِ. وأن الأصل أن يكونَ ما في علمِ التَّفسيرِ مُبينًا للقرآنِ، وما كانَ خارجًا عن حَدِّ بيانِ كلامِه سبحانَهُ، فإنَّه ليسَ من صُلبِ التَّفسيرِ. كما أجرى المؤلف محاولةً في ترتيبِ جملةِ هذه العلومِ التي يذكرها المصنِّفون في علومِ القرآنِ، ودمج ما تفرَّق منها، وإرجاعِ بعضها إلى بعضٍ. وذكر عدة فوائد نفيسة في مدخل الكتاب يحسن الرجوع إليها. وبدأ بذكر كتب التفسير، منبهًا أنها كثيرةٌ جدًّا، وذكر إشاراتٍ عابرةً في هذه الكتبِ. كما ذكر أنَّ السَّلفَ من التابعينَ وتابعيهم قد دوَّنوا التَّفسيرَ، وأنَّ أغلبَ هذه المدوَّناتِ مبثوثٌ في الكتبِ التي تُعنى بالمأثورِ عنهم. ونبه أنه إذا درست تفاسيرَهم بعنايةٍ، ونظرت في تفاسيرِ المتأخرينَ، سيظهر جليًّا أنَّ المتأخِّرينَ عالةٌ عليهم في بيانِ معاني القرآنِ والمرادِ بها، وأنَّ المتأخرينَ لم يزيدوا كثيرًا على أقوالِهم من جهةِ البيانِ عن معنى الآي، وإنما كانتِ الزيادةُ في غيرِ هذا الجانبِ.

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا العرض ليس في المطبوع، ومصدره الموقع الرسمي للمؤلف - حفظه الله -.

ونبه كذلك أنَّ كُتبَ التَّفسيرِ تحوي كثيرًا من مسائلِ العلومِ التي لها علاقةٌ بعلمِ التَّفسيرِ أو هي من علومِ القرآنِ، وأن هذه الكتبُ مجالٌ خصبٌ لتطبيقاتِ هذه المسائلِ العلميَّةِ، بل قد تجدُ فيها إشاراتٍ إلى مسائلَ متعلِّقةٍ بعلمٍ من علومِ القرآنِ، وهي غيرُ موجودةٍ في كتبِه. وأن مُدوَّناتُ التَّفسيرِ الكبيرةُ خرجت بعلمِ التَّفسيرِ إلى مسائلَ لا علاقةَ لها به، وإنما جرَّها إليه بُرُوعُ المؤلِّفِ في فنٍّ من الفنونِ. ونبه أنَّ المذهب الذي يميلُ إليه المفسر، سواءٌ أكانَ فِقْهًا، أم نَحْوًا، أم عَقِيدَةً = له أثرٌ في اختيارِ المفسِّرِ للمعنى، وقد يظهرُ بهذا الاختيارِ تكلُّفُ المفسِّرِ وتعسُّفُه، وتركُه للظَّاهرِ من أجلِ أن لا يخالفَ ما يعتقدُه. وفي كتب إعراب القرآن نبه على أن علم إعرابِ القرآنِ يدخلُ في تآليفِ معاني القرآنِ. وذكر المؤلف أنَّ كُتب العلماءِ في إعرابِ القرآنِ على قسمين: الأول: كتبٌ مستقلَّةٌ باسم إعرابِ القرآنِ. الثاني: كتبٌ تضمَّنت إعرابَ القرآنِ؛ كبعضِ كتبِ التَّفسيرِ، وكتبِ معاني القرآنِ، وكتبِ الاحتجاجِ للقراءاتِ، وكتبِ الوقفِ والابتداءِ. ونبه المؤلف أن التَّوجُّهِ للنَّصِّ القرآنيِّ مجالٌ لبعضِهم في ذكر أصولِ مذاهبِ العلماء وآرائهم النحويَّةِ. ومن الفوائد الحسنة التي ذكرها أن كتابي الفراء والأخفش لو رُتِّبَا على مسائلِ كُتب النَّحوِ، لصارا كتابينِ نحويَّينِ، قلَّ أن يشذَّ عنهما بابٌ من أبوابِ النَّحوِ، وأن هذا يدلُّ على أنهما أرادا بهذا التَّوجُّه للقرآنِ إبرازَ مذهبِهما النَّحويِّ، واللهُ أعلمُ. وذكر بعض القواعد التي تضبط ما يُعملُ به في إعرابِ كتابِ اللهِ. وفي كتب معاني القرآن ذكر من ألف فيه من لغويو القرن الثاني، وبعض ما قد طُبِعَ من كُتبِ معاني القرآنِ.
ونبه أن بعضَ كتبِ معاني القرآنِ تضمُّ إليها علمَ إعرابِ القرآنِ؛ لذا، فإنها من مراجِعِ كتبِ الإعرابِ القرآنيُّ. ونبه أنه قد يدخل في علم معاني القرآنِ: علمُ غريبِ القرآنِ، وعلمُ مشكلِ القرآنِ، وعلمُ الأساليبِ العربيَّةِ التي جاءت في القرآن (علم إعجازِ القرآنِ، وعلم البلاغة كما بحثه المتقدِّمونَ). ومن فوائده: أن معاني القرآن التي كتب فيها المتقدمون غير علم المعاني الذي صار قسمًا من علوم البلاغة. وفي كتب غريب القرآن، نبه على أنه ليس المرادُ بالغريبِ: ما كانَ غامض المعنى دون غيره، وإنَّما المرادُ به: تفسيرُ مفرداتِ القرآنِ عمومًا. وذكر أن كتاب مجازِ القرآنِ، لأبي عبيدةَ من أشهرِ كتبِ غريبِ القرآنِ، وأكثرِها أثرًا في من جاء بعده، كما يتميَّزُ بكثرةِ الشَّواهدِ الشِّعريَّةِ. ونبه أنه قد سارت المؤلفاتُ في غريبِ القرآنِ في ترتيبِها على طريقتين: الأولى: السَّيرُ على ترتيب الألفاظِ في السورِ، مبتدأةً بسورة الفاتحة، ومختتمةً بسورةِ النَّاس. الثانية: ترتيبُ الألفاظِ القرآنيَّة على الحروفِ الهجائيَّةِ، وغالبُها سارَ على الترتيبِ الألفبائي. ومن الفوائد الجميلة: أنَّ علم غريبِ القرآنِ من أوَّلِ علومِ التَّفسيرِ التي يجبُ أن يتعلَّمه طالبُ علمِ التَّفسيرِ. وفي كتب مُشكلاتِ القُرآن، نبه أنه قد يرادُ بالمشكلِ: المُشَاكِلُ للشَّيءِ؛ أي: المُشَابِه له، وقد يرادُ به: ما غَمَضَ ودَقَّ عن الفَهْمِ. وأن المراد به هنا النَّوع الثاني؛ أي: ما غَمَضَ في الفَهْمِ وخَفِيَ على المرءِ، أيًّا كانَ سببُ غُمُوضِه وخَفَائه، وأنه قد يُطلقُ على هذا النَّوع مصطلحُ المتشابهِ. وأنه يظهرُ أنَّ سببَ الكتابةِ في مشكل القرآن مَوجَةٌ من الزَّندقةِ التي كانت تُشكِّكُ بالقرآنِ الكريمِ في نَظْمِه، أو أسلوبِه، أو أخبارِه.
وفي كتبُ متشابه القرآنِ، ذكر أن علم المتشابهِ في علومِ القرآن مصطلحٌ يطلقُ على عدَّةِ علومٍ، وهي: ١ - المتشابِه الذي يقابلُ المحكم. ٢ - المتشابه اللفظيُّ الذي يُشْكِلُ على حفَّاظِ القرآنِ. ٣ - المتكرِّرُ من المقاطعِ، مع تغيُّرِ كلمةٍ أو نحوها، أو ما يكونُ بين مقطعينِ من تناسبٍ ومُشَاكَلةٍ من أي وجهٍ من وجوهِ المُشَاكَلَةِ. وأنواع ذلك وبعض كتبه. كما ذكر معنى مصطلح الوجوه والنظائر. وفي كتب أحكامِ القرآنِ، ذكر أنه قد ألَّفَ العلماءُ في هذا العلم قديمًا. ونبه أنه لا تخلو كتب التَّفسير المطوَّلةُ من تفسير الأحكام القرآنيَّة والاستطراد في مسائل الفقه. ونبه أنه قد كانت طريقةُ ترتيبِ كتبِ الأحكامِ على منهجينِ: الأوَّلُ: ترتيبُ الكتابِ على سورِ القرآنِ، فيبتدأُ بالفاتحةِ، ويختمُ بالنَّاسِ، وعلى هذا أغلبُ كتبِ أحكامِ القرآنِ. الثاني: ترتيبُ الكتابِ على أبوابِ الفقه. وذكر أن هذا المنهج الذي انتهجه أصحابُ كتبِ أحكام القرآن جعلَ كتبَهم كتبَ فقهٍ، لا كتب تفسيرٍ، ولذا فإنَّه لا تكتملُ فيها صورةُ التَّفسيرِ. ولو كانت كتبُ أحكامِ القرآنِ تعمدُ إلى الأحكامِ التي نصَّ عليها القرآنُ، وإلى كيفيَّةِ استنباطِ الحكمِ من القرآنِ، دونَ الاستطرادِ في ذكرِ المسائلِ الفقهيَّةِ، أو تكلُّفِ الحديثِ عن أحكامٍ لم ينصَّ عليها القرآنُ = لما اتسعتْ هذه الكُتبُ، واللهُ أعلمُ. وفي كتب الناسخِ والمنسوخِ، ذكر أنَّ علمَ النَّاسخِ والمنسوخِ من أشهرِ علومِ القرآنِ، وأكثرها كُتُبًا، إذ كتبَ فيه عددٌ كثيرٌ من العلماءِ، وذكر بعض كتبهم المطبوعة. كما نبه على الفرق في مصطلح النَّسخ بين المتقدِّمين ومتأخِّري الفقهاء. وفي كتب المناسبات، ذكر أن العلماء كتبوا في في علمِ المناسباتِ، وكانت كتابتُهم - غالبًا - في المناسباتِ بين السُّورِ والمناسبات بين الآيات.
وأن المرادُ بهذا العلمِ: بيان وجهِ ارتباطِ اللفظةِ أو الآية أو السورةِ، أو غيرِها مما يحكيه العلماء من أنواع المناسباتِ. ثم تحدث عن كتب أسبابِ النُّزولِ، وبعض مصطلحاته. وذكر المؤلف طريق معرفة سبب النُّزول، والحاجة إلى معرفته. ثم تعرض لكتب توجيهِ القراءاتِ، وأنها على نوعينِ: النوع الأول: يذكر القراءات وينسبها إلى من قرأ بها، دون ذكر توجيهها. النوع الثاني: يذكر القراءات وينسبها، ويذكر توجيهها. وأنه قد كتبَ العلماءُ في توجيه القراءاتِ كتبًا مستقلَّةً، واعتنوا بتوجيه متواترِها وشاذِّها. كما ذكر كتبً الوقف والابتداءِ، وأن لعلم الوقف والابتداءِ علاقةً أكيدةً بعلمِ التَّفسيرِ، إذ هو أثرٌ من آثارِ التَّفسيرِ. وبين في كتب مُبهمَاتِ القرآنِ أن مبهمات القرآنِ: ما لم يُنَصَّ على ذكرِه من الأسماءِ، وقد يكونُ الإبهامُ لعَلَمٍ أو نباتٍ، أو حيوانٍ أو مكانٍ أو زمانٍ ... إلخ. ثبت أنواع الكتب المذكورة أولًا: كتبُ التفسير. ثانيًا: كتب إعراب القرآن. ثالثًا: كتب معاني القرآن. رابعًا: كتبُ غريب القرآن. خامسًا: كتب مشكلات القرآن. سادسًا: كتبُ متشابهِ القرآن. سابعًا: كتب الوجوه والنَّظائر. ثامنًا: كتبُ أحكامِ القرآن. تاسعًا: كتبُ الناسخ والمنسوخ. عاشرًا: كتبُ المناسبات. حادي عشر: كتبُ أسباب النُّزول. ثاني عشر: كتبُ توجيهِ القراءات. ثالث عشر: كتبُ الوقف والابتداء. رابع عشر: كتبُ مبهمات القرآن.

صفحة غير معروفة

مقدمة البحث الحمدُ للهِ العليِّ الكبيرِ، أنزلَ خيرَ كتبِه على خَيرِ رسلِه، وأصلِّي وأسلِّمُ على البشيرِ النَّذيرِ محمَّدِ بنِ عبد اللهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ ومن والاه إلى يومِ الدين، وبعد: لقد تنافسَ العلماءُ في التَّصنيفِ فيما يتعلَّقُ بكتابِ اللهِ، فخرجَ بذلك كتبٌ كثيرةٌ تخدمُ من يريدُ تفسيرَ كتابِ اللهِ، ويستعينُ بها على فهمه. وهذه الكتبُ لا حصرَ لأفرادِها لكثرتها. لكن كان من الممكنِ حصرُ موضوعاتِها التي تطرَّقت إليها، من غريبٍ ومُشكلٍ ومبهَمٍ وحُكْمٍ، وغيرِها. وهذا الكتاب يتعلَّقُ بأنواعِ الكتبِ التي صُنِّفت من أجلِ خدمةِ تفسيرِ كتابِ اللهِ. وقد كانت فكرةُ تدوينِ هذا البحثِ إثرَ محاضراتٍ ألقيتُها تحت عنوان «مقدِّماتٌ في علم التفسير»، وكان هذا الموضوعُ أحد الموضوعات التي طرحتُها، فلاقى استحسانًا من الحضورِ، فبدا لي أن أزيد فيه، وأضعه في مؤلَّفٍ يحويه، فكانَ هذا الكتابُ. ولقد حَرَصتُ فيه على بيانِ أنواعِ الكتبِ التي يُستفادُ منها في تفسيرِ كلامِ اللهِ، كما أشرتُ - في الغالبِ - إلى المعلوماتِ التي أُدخِلتْ على التَّفسيرِ في هذه الكتبِ. وقد ذكرتُ في كلِّ نوعٍ من أنواعِ التَّصنيفِ عنوانَ الكتبِ الذي

1 / 5

اشتهرت به، وحرَّرتُ معناه، وبيَّنتُ ما وقع فيه من تطوُّرٍ إن وُجدَ، وذكرتُ بدايات هذا العلم، وبداياتِ التَّأليفِ فيه، وطريقةَ ترتيبِ هذه الكتبِ المصنَّفةِ، وقد أذكرُ نماذجَ منها، كما قد أُشِيرُ إلى مدى إفادتِها للمفسِّرِ وما يحتاجهُ منها، كلُّ ذلك قدر الجهدِ والطَّاقةِ. ولمْ أَسِرْ على نظامٍ مُجَدْوَلٍ في كلِّ تصنيفٍ، بل كنت أكتبُ ما يمليه الخاطرُ ساعتَها؛ لذا لم يكن للمعلوماتِ ترتيبٌ معيَّنٌ. كما لم ألتزم قراءة كلِّ كتبِ هذه العلومِ، بل دوَّنتُ ما كنتُ جمعتُه من فوائدَ في هذه الكتبِ في أثناء قراءاتٍ سابقةٍ. وقد ذكرتُ في مبدإ هذا البحثِ مدخلًا يتعلَّقُ بتصنيفِ العلومِ التي يشملُها علمُ «علومِ القرآنِ» وقد ذكرتُها لأجل أن يُعرفَ الفرقُ بين «علومِ التَّفسيرِ» و«علومِ القرآن»، واستطردتُ في ذكرِ قضيَّةِ تداخلِ موضوعاتِ «علوم القرآنِ»، وهي قضيَّةٌ مهمَّةٌ تحتاجُ إلى نظرٍ ودراسةٍ؛ لأنَّه قد يمكنُ أن تُدرسَ جملةٌ من علومِه تحتَ مسمًّى واحدٍ تترابطُ فيه مسائلُ هذا العلمِ؛ ويبنى عليها ما بعدها من المسائلِ. ولقد كانَ يكفي أن يعرفَ الدَّارسُ ترابُطَ بعضِ العلومِ وتداخُلَها التي تُذكرُ مفرَّقةً في كتبِ القرآنِ، غير أنه في بعضِ الموضوعاتِ يكونُ ما هو أكثرُ من ذلكَ، وهو تأخيرُ دراسةِ موضوعٍ يمرُّ ذِكرهُ في موضوعاتٍ متقدِّمةٍ، ولا يمكنُ فهمُ ما يطرحُ فيها بدونِ شرحِه وتفصيلِه. ومن الأمثلةِ على ذلك: أنَّك تجدُ أنَّ في موضوعِ «جمعِ القرآنِ» إشارةً إلى «الأحرفِ السَّبعةِ» في جمعِ أبي بكرٍ وجمعِ عُثمانَ، والدَّارسُ لا يعرفُ المرادَ بالأحرفِ السَّبعةِ، فتَراكَ مضطرًّا لشرحِ موضوعِ «الأحرفِ السَّبعةِ» بإيجازٍ شديدٍ جدًّا يتناسبُ مع وقتِ إلقاءِ معلوماتِ «جمعِ القرآنِ».

1 / 6

وكذا الحالُ عند الحديث عن القراءات، وكيفَ اختلفتْ هذه القراءاتُ؟ وما عَلاقتُها بالأحرفِ السَّبعةِ؟ فإنَّك إن لم تكن قد درَّستَ الأحرفَ السَّبعةَ، ستضطرُّ إلى بيانِها هنا على أنَّها جُزئيَّةٌ استطراديَّةٌ. وقد كان يُغني عن ذلك ما لو رُتِّبت علومُ القرآنِ، وجُعِلَ مثلُ هذا الموضوعِ من أوَّلِ ما يدرسُه الدارسُ، ثمَّ يُحالُ عليه عندما يأتي موضوعٌ له علاقةٌ به. وسيكونُ في ترتيبِ العلومِ في كتبِ علومِ القرآنِ ابتعادٌ عن هذه المشكلةِ وغيرِها مما يلاحظهُ الذي يُدرِّسُ هذا العلمَ. وقد كنتُ أودُّ أن أطرحَ جانبًا أراهُ مُغْفَلًا في علومِ القرآنِ، مما جعلَ هذا العِلْمَ علمًا لا يطربُ له دارسُه، ولا يُحسُّ بثرائه وكثرة مادَّتِهِ، ولذا يندرُ أن تجدَ هذا العلمَ يُدرَّسُ خارجَ قاعاتِ الدِّراسةِ النِّظاميَّةِ، كما هو الحالُ في علمِ العقيدة أو علم الفقه أو علمِ الحديثِ. وبعضُ الباحثينَ يحسبُ أنَّ هذا العلمَ قوالبُ مصبوبةٌ قد انتهى البحثُ فيه، واحترقتْ مادَّتُه، فلا جِدَّةَ في مسائله، ولا ثَمرة بعد ما ذكره الأقدمونَ ممن كتبوا في هذا العلمِ؛ وهذا ظنٌّ زائفٌ. وفي ظنِّي أن الذي أنشأ هذا التَّفكيرَ عن علومِ القرآنِ هو إغفالُ الجانبِ التَّطبيقيِّ لهذا العلمِ، لذا قد يمرُّ بالباحثِ وهو يقرأ في التَّفسيرِ أمثلةٌ تخالفُ ما نُظِّرَ له في دراستِه لعلومِ القرآنِ، لكنَّها لا تسترعي انتباهَه، ولا يَطلبُ لها حلًّا، وكأنَّه قد حكمَ بزَيْفِها؛ لأنَّها خالفت ما قُرِّرَ له، فلا يُتعبُ نفسَه بتثويرِ الموضوعِ مرَّةً أخرى، عَلَّهُ يجدُ ما يصحِّحُ ما درسَه أو يؤيِّدُه. إنَّ كتبَ تفسير القرآنِ ميدانٌ رحبٌ لتطبيقاتِ مسائلِ علومِ القرآنِ،

1 / 7

فلو اتَّجه مدرِّسو علومِ القرآنِ إلى هذه الكتبِ وطبَّقوا عليها ما درسوه في كتبِ علومِ القرآنِ، فإن الأمرَ لا يخلو من ثلاثةِ أحوالٍ نافعةٍ في تنشيط هذا العلمِ، وفي إشباعهِ بالتَّطبيقاتِ والأمثلةِ: الحالُ الأولى: تعزيزُ الأفكارِ العلميَّةِ المطروحةِ في كتبِ علومِ القرآنِ، وذلك بتكثيرِ الأمثلةِ التي توافقُ الفكرةَ العلميَّةَ المطروحةَ. الحالُ الثَّانيةُ: أن يوجدَ أمثلةٌ تخالفُ ما تقرَّرَ في الفكرةِ العلميَّةِ المطروحةِ، فتدرسُ هذه الأمثلةُ، وقد تكونُ نتيجةُ هذه الدِّراسةِ ضَعْفَ هذه الأمثلةِ وعدَم صحَّتِها، أو أنَّها تدلُّ على أنَّ تلكَ الفكرةَ العلميَّةَ المطروحةَ في كتبِ علومِ القرآنِ = مدخولةٌ وغيرُ صحيحةٍ، فتحتاجُ إلى إعادةِ تنظيرٍ. الحالُ الثَّالثةُ: أن يوجدَ في الأمثلةِ أفكارٌ جديدةٌ تضافُ إلى مسائلِ العلمِ الذي يُطبَّقُ عليه من خلالِ التَّفسيرِ. وفي هذه الطَّريقة إثارةٌ وتحفيزٌ للدَّارسِ، وتحريكٌ وتنشيطٌ له في متابعةِ الدَّرسِ، وفي تثبيتِ المعلوماتِ. وليس المقصودُ هنا الحديثَ عن هذه القضيَّةِ، وإنما أردتُ أن أُذكِّرَ به لمَّا مرَّ ما يتعلَّق به في هذا المدخلِ، وأسألُ الله أن ييسِّرَ بسطَ هذه الموضوعِ في مكانٍ آخرَ. وبعد، أرجو أن يكونَ هذا المؤلَّفُ نافعًا، وأن يكونَ خالصًا لله الكريمِ، وأن ييسِّرَ لي غيرَه من التَّآليفِ، إنه سميعٌ مجيبٌ. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار المملكة العربيَّة السُّعودية/ الرياض www.attyyar.net

1 / 8

مدخلٌ إلى الموضوعِ علمُ التَّفسيرِ جزءٌ من علومِ القرآنِ. والأصلُ أن يكونَ ما في علمِ التَّفسيرِ مُبينًا للقرآنِ، وما كانَ خارجًا عن حَدِّ بيانِ كلامِه سبحانَهُ، فإنَّه ليسَ من صُلبِ التَّفسيرِ. وغالبًا ما يكونُ ذلكَ الخارجُ عن حدِّ البيانِ من علومٍ تعلَّقتْ بعلمِ التَّفسيرِ، وكثيرٌ من هذه العلومِ التي تطرَّقَ إليها المفسِّرُونَ معدودٌ في علوم القرآنِ. وقد نشأ عن ذِكْرِهم لهذه العلومِ في تفاسيرهم خطأٌ، ذلك أنَّ بعضَ مَنْ كتبَ في علمِ التَّفسيرِ جعلَها كلَّها من العلومِ التي يحتاج إليها المفسِّرُ، ويَلزَمُه معرفتُها، وفي ذلكَ نظرٌ. والموضوعاتُ المعدودةُ في علومِ القرآنِ بحاجةٍ إلى تحريرٍ، لكثرةِ التَّشقيقِ فيها، إذ تجدُ مجموعةً من هذه العلومِ يمكنُ أن تدخلَ في مسمًّى واحدٍ، ولكنَّ بعضَ المؤلِّفينَ في علومِ القرآنِ يجعلونَها عدَّةَ علومٍ، حتى لقد ادَّعى بعضهم أنَّ علومَ القرآنِ لا تُحصى عددًا، قال ابن العربيِّ (ت: ٥٤٣): «وقد ركَّبَ العلماءُ على هذا كلامًا، فقالوا: إنَّ علومَ القرآنِ خمسونَ علمًا، وأربعمائة علمٍ، وسبعةُ آلاف وسبعونَ ألفَ علمٍ، على عدد كَلِمِ القرآن مضروبةً في أربعةٍ، إذ لكلِّ كلمةٍ منها ظهرٌ وبطنٌ وحدٌّ ومطلعٌ. هذا مطلقٌ دون اعتبارِ تركيبه، ونَضْدِ بعضِه إلى بعضٍ، وما بينها

1 / 9

من روابطَ على الاستيفاءِ في ذلك كلِّه، وهذا مما لا يحصى، ولا يعلمُه إلاَّ اللهُ» (١). وهذا من التَّكثُّرِ في عدِّ العلومِ الذي لا داعيَ له، ولا دليلَ يدلُّ عليه. وقد أجريتُ محاولةً في ترتيبِ جملةِ هذه العلومِ التي يذكرها المصنِّفون في علومِ القرآنِ، ودمج ما تفرَّق منها، وإرجاعِ بعضها إلى بعضٍ. وقبلَ أنْ أذكرَ لك هذه المحاولةَ، أُشيرُ إلى بعضِ الملحوظاتِ حولَ ما سأكتبه في هذه العلومِ: ١ - أنَّ ما سأذكرُه من المصطلحاتِ، إنما هو على الاصطلاحِ السَّائدِ في كتبِ علومِ القرآنِ. ٢ - أنه يوجدُ ترابطٌ وثيقٌ بين علومِ القرآنِ، بل قد يكونُ بعضُها منبثقًا من علمٍ آخر من علومِه؛ لذا يمكنُ أن يوضعَ علمٌ منها في موضعينِ؛ لارتباطِه بهذا وبذاك، وهذا التَّداخلُ لا يمكنُ الانفكاك منه، وليسَ ذلك عيبًا، والله الموفِّقُ. وقد ظَهَرَ لي في ترتيبِ علومِ القرآنِ ما يأتي: أولًا: علم نزول القرآن: ويندرجُ تحته: ١ - أحوالُ نزولِه، ويشمل: أوَّلَ ما نزلَ وآخرَ ما نزلَ، والحضريَّ

(١) قانون التأويلِ، لابن العربيِّ، تحقيق: محمد السليماني (ص:٥٤٠).

1 / 10

والسَّفريَّ، والصيفيَّ والشِّتائيَّ، واللَّيليَّ والنَّهاريَّ، والفراشيَّ والمناميَّ، وغيرَها من الموضوعاتِ التي يذكرُونها في أحوال نزولِه. ٢ - أسباب النُّزول. ٣ - المكيُّ والمدنيُّ. ٤ - الأحرف السَّبعة (١). ٥ - كيفية إنزال القرآن (الوحي). ٦ - اللُّغاتُ التي نزلَ بها القرآنِ، ويشمل: ما نزل بغير لغة العرب (المعرَّب)، وما نزل بغير لغة الحجاز. ثانيًا: علم جمع القرآن: ويندرجُ تحته: ١ - تدوين المصحف وتاريخه. ٢ - رسم المصحف. ويَتْبَع رسمَه ما يتعلَّقُ بنَقْطِه وشَكْلِه بالحركاتِ، وغيرِها مما أُدخِلَ لتوضيحِ القراءةِ وتسهيلِها. ثالثًا: علم القراءات: ويندرجُ تحته: ١ - طبقات القراء. ٢ - أنواع القراءات.

(١) يلاحظ أنَّ الأحرف السَّبعة لها عَلاقة كبيرة بجمع القرآن وبالقراءات.

1 / 11

٣ - توجيه القراءات (١). ٤ - آداب القراءة. ٥ - تجويد القرآن. رابعًا: علم معاني القرآن (٢): ١ - غريب القرآن (٣). ٢ - إعراب القرآن. ٣ - مشكِل القرآن (٤). ٤ - إعجاز القرآن، ويَدخُل فيه ما يتعلَّق بأساليبِ الكلام العربيِّ (البلاغة) (٥).

(١) يشملُ توجيه القراءات: توجيه لغتها، وإعرابِها، وصرفِها، وأدائها، ومعانيها، ويلاحظ أنَّ ما له أثرٌ في تغيُّرِ المعنى يندرجُ تحت علمِ التَّفسير. (٢) المقصودُ هنا جملةُ العلوم التي لها علاقةٌ بالعربيَّةِ، من مفرداتٍ وإعرابٍ، وأساليبَ، وبلاغةٍ، وهذه العلوم لها ارتباطٌ بالمعنى من حيثُ الجملة، وما كان له منها أثرٌ في بيانِ المعنى أو اختلافهِ، فإنَّه بهذا يكونُ مما له علاقةٌ بعلمِ التَّفسيرِ، وهذه الإشارةُ تغني عن تكرارِ بعضِ هذه العلومِ تحت علمِ التَّفسيرِ. (٣) يلاحظُ أنَّ غريبَ القرآنِ من صميمِ علومِ التَّفسيرِ، لكني ذكرته هنا لأنَّ أغلبَ من كتبَ في هذا العلمِ كتابةً مستقلَّةً كانَ من علماءِ اللُّغةِ، ولو جعلته في علومِ التَّفسيرِ، لكان صوابًا، والأمرُ فيه سعةٌ، وللهِ الحمدُ. (٤) بين هذا المصطلح ومصطلح المتشابهِ النِّسبيِّ، الذي يُدرَسُ مستقلًّا تحت عنوان «علمِ المحكمِ والمتشابِهِ» تداخلٌ من حيثُ الموضوع، وسيأتي بيانُه عند الحديث عن هذين العلمينِ في الكتب المتعلقة بالتَّفسيرِ، كما يلاحظُ أنَّ له علاقةً بعلمِ التَّفسيرِ، ولذا لن يردَ ذكره مستقلًّا تحت علمِ التَّفسيرِ. (٥) لا تجدُ مصطلحَ البلاغة في كتبِ علومِ القرآنِ، وإنما كان بحثهم لعلمِ البلاغةِ من خلالِ كتبِ إعجازِ القرآنِ.

1 / 12

٥ - مُتشابِه القرآن (١). خامسًا: علم التفسير: ويندرج تحته: ١ - تاريخُ التَّفسيرِ وطبقاتُ المفسِّرينَ. ٢ - أصول التفسير. ٣ - الناسخ والمنسوخ، ويشملُ: (النسخ الاصطلاحي، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والمطلق والمقيد) (٢). ٤ - الوجوه والنَّظائر. ٥ - أقسام القرآن. ٦ - أمثال القرآن. ٧ - المحكمُ والمتشابهُ (٣).

(١) لمصطلحِ «متشابه القرآنِ» عدة معانٍ في الدراساتِ القرآنيَّةِ، وسيأتي تفصيلُ ذلك لاحقًا، وجزءٌ من هذا العلم يدخلُ هنا، وهو ما يتعلقُ ببيان سبب تشابه بعضِ المقاطع القرآنيَّةِ، وذكرتُه لتعلُّقِه بالمعاني، وسيأتي ذكرُ الجزءِ الآخر منه، وهو ما يقابلُ المحكم. (٢) تجدُ أنَّ كتبَ علومِ القرآن تَفْصِل كلَّ علمٍ من هذه العلومِ على حِدّةٍ، وقد ذكرتها هنا على مصطلحِ السَّلفِ في النَّسخِ، وهو مطلق الرَّفعِ، فرفعُ أيِّ حكم أو معنى من الآيةِ، سواءٌ بإزالة حكمِه، أو تخصيصِ عامِّه أو الاستثناءِ منه، أو غيرها، كلُّ ذلكَ يُعدُّ نسخًا عندهم. وقد ذكرتها كلها تحت مسمَّى مصطلحِ النَّسخِ، لأنِّي قصدتُ اختصارَ العلومِ المذكورةِ، وإدخالَ ما يمكنُ إدخالُه منها في بعضها. (٣) المرادُ به هنا ما يتعلَّقُ بالمتشابه النِّسبيِّ الذي قد يخفى على قومٍ، فإنَّ له تفسيرًا يعلمُه الرَّاسخون في العلمِ، وإن جَهِلَهُ أقوامٌ: أمَّا المتشابه الكليُّ، وهو ما استأثرَ اللهُ بعلمِه، فإنَّه لا يدخلُ في علمِ التَّفسيرِ البتةَ؛ لتعلُّقِه بغيبيَّاتٍ =

1 / 13

٨ - قواعد التَّفسير. ٩ - كليَّات القرآنِ. ١٠ - مُبْهَمات القرآن. ويُلحقُ به من الدِّراسات المعاصرة: ١١ - مناهج المفسرين (١). ١٢ - التفسير الموضوعي. ١٣ - التفسير العلمي (٢). ١٤ - اتجاهات التفسير (٣). سادسًا: علم سور القرآن وآياته: ويندرجُ تحته: ١ - معرفة أسماء السور.

= لا يعلمُها إلاَّ اللهُ، ومن ادَّعى علمها، فقد كذبَ، كزمن وقوعِ المغيَّباتِ وكيفياتِ المغيَّباتِ، واللهُ أعلمُ. (١) كانت بدايات هذا العلم قديمة، وهي منذ عهد الصحابة والتابعين، لأنه يدخل فيه أي نقد للمفسرين أو تفاسيرهم، والمراد من جعل هذا العلم من الدراسات المعاصرة ما ظهر من طريقة تناول مناهج المفسرين فحسب، وليس الحديث هنا عن نشأة هذا العلم، وقد جمعت جملة من هذه الانتقادات، وأسأل الله أن ييسِّر تمامها. (٢) التَّفسيرُ العلميُّ جزءٌ من علمِ التَّفسيرِ، وإنما أفردته هنا لأنَّه صارَ علمًا مُميّزًا عن غيرِه، ولعلَه غيرُ خافٍ عليكَ أنَّه لا يخرجُ عن التَّفسيرِ بالرَّأي، وعليه ملاحظات ليس هذا محلَّها. (٣) المرادُ باتجاهاتِ التَّفسيرِ: الاتجاه العلميُّ الذي غلبَ على تفسيرِ المفسِّرِ، والاتجاهُ العقديُّ، والاتجاهُ الفقهيُّ، وغيرها من الاتجاهاتِ التي يصطبغُ بها التفسيرُ.

1 / 14

٢ - ترتيب السور. ٣ - المناسبات بين السور. ٤ - ترتيب الآي. ٥ - المناسبات في الآيات: في الفواتح والخواتم. ٦ - فواصل الآي. ٧ - عَدُّ الآي. سابعًا: علم فضائل القرآن. ثامنًا: علمُ أحكامِ القرآنِ ووجوهِ الاستنباطاتِ. تاسعًا: علمُ الوقف والابتداء. عاشرًا: علمُ جدلِ القرآنِ. وهذا اجتهادٌ أردتُ به قدح الفكرِ إلى إعادةِ صياغةِ ترتيبِ العلومِ المذكورةِ في كتبِ علومِ القرآنِ، ولو أطلقتَ العِنانَ لتشقيقِ هذه العلومِ، فإنكَ ستبلغُ بها عددًا كثيرًا لا ضابطَ له ولا حدَّ. وبعدَ هذا، أجيءُ إلى الكتبِ المصنَّفةِ المتعلِّقةِ بتفسيرِ القرآنِ، وهي في جملتِها مذكورةٌ في عِدادِ علومِ القرآنِ، وهذه الكتبُ نوعان: الأول: كتبُ علمِ التَّفسيرِ بأنواعِه واتِّجاهاته المختلفةِ التي قَصَدتْ تفسيرَ الآيات القرآنيَّةِ، سواءٌ أكانت هذه الكتبُ شاملةً لجميع آياتِ القرآنِ؛ كتفسير الطبريِّ (ت: ٣١٠)، أمْ لم تشملْ تفسيرَ جميع الآياتِ، كالأجزاء المفردةِ في تفسيرِ سورةٍ أو آيةٍ أو آياتٍ، ويدخل فيها تفاسيرُ السَّلفِ التي لم تكنْ شاملةً لجميع آيِ القرآنِ؛ مثلُ: تفسيرِ مجاهد (ت: ١٠٤). وكتبُ التَّفسيرِ هذه قد يوجدُ فيها ما لا علاقةَ له بالتَّفسيرِ.

1 / 15

ويلحقُ بها ما لا علاقةَ له إلاَّ بعلمِ التَّفسيرِ، ككتبِ مبهماتِ القرآنِ، وكتبِ أسباب النُّزولِ. الثاني: كتبُ علومِ القرآنِ الأخرى التي يوجدُ فيها مباحثُ يحتاجُها المفسِّرُ، ومنها كتبٌ لا يكادُ يستغني عنها المفسِّرُ؛ ككتب توجيهِ القراءاتِ وكتبِ غريبِ القرآنِ، ومنها كتبٌ حاجةُ المفسِّرِ إليها قليلةٌ؛ ككتبِ علمِ الوقفِ والابتداءِ، وكتبِ علمِ الجدلِ القرآنيِّ، وكتبِ علمِ المبهماتِ. والحديثُ هنا عن كُتبٍ صُنِّفتْ بهذه العناوين، وليسَ المرادُ الحديثَ عن العلومِ التي سبقَ ذِكْرُها تحتَ علمِ التَّفسيرِ، ولذا ستجدُ عناوينَ كتبٍ تحملُ اسمَ علمٍ من علومِ القرآنِ كما هو مذكورٌ هناك. كما ستجدُ أنَّ بعض ما ذُكرَ تحتَ «علمِ التَّفسيرِ» غير مذكور هنا؛ كعلمِ «طبقاتِ المفسِّرينَ» الذي هو من العلومِ النَّظريَّة، وليس له أثرٌ في بيانِ القرآنِ البتَّةَ. ولن تجدَ ذكرًا لما قلَّ التَّأليفُ فيه؛ كعلم «أقسامِ القرآن». ويمكنُ تقسيمُ هذه المصنَّفاتِ المتعلِّقةِ بتفسيرِ القرآنِ كالآتي: كتبُ التفسير (١). كتبُ إعرابِ القرآنِ. كتبُ معاني القرآنِ (٢).

(١) يلاحظُ أنَّ المرادَ بكتبِ التفسيرِ: الكتبُ التي غلبَ عليها شمولُ مصادرِ التفسيرِ وعلومِه، كتفسيرِ الطَّبريِّ وابن عطيَّةَ، وابن كثيرٍ، وغيرها. كما يلاحظُ أنَّ غالبَ كتبِ التَّفسيرِ فسَّرت القرآنَ آيةً آيةً، أمَّا العلومُ الأخرى التي سأذكرها، فإنَّ الغالبَ عليها انتقاءُ ما يناسبُ موضوعَها. (٢) المرادُ بكتبِ معاني القرآنِ الكتب التي سماها مؤلفوها بهذا الاسمِ؛ ككتابِ =

1 / 16

كتبُ غريبِ القرآنِ. كتبُ مشكلاتِ القرآنِ. كتبُ متشابهِ القرآنِ. كتبُ الوجوهِ والنَّظائرِ. كتبُ أحكامِ القرآنِ. كتبُ الناسخِ والمنسوخِ. كتبُ المناسباتِ. كتبُ أسباب النُّزول. كتبُ توجيهِ القراءاتِ. كتبُ الوقف والابتداء. كتبُ مبهماتِ القرآن. والنَّظرُ في عناوينِ هذه الكتبِ يدلُّ على تداخُلٍ بينَ العلمِ العامِّ (علومِ القرآنِ)، والعلمِ الجزئيِّ منه (علمِ التَّفسيرِ)، وسببُ ذلكَ أنَّ كُتبَ التَّفسيرِ هي المحلُ الأوسعُ لتطبيقاتِ مسائلِ علومِ القرآنِ، ولا يلزمُ من ذكرِها في كتبِ التفسيرِ أنْ تكونَ من صلبِه. وقد جاءَ ذكرها في كتبِ التَّفسيرِ وعلومِ القرآنِ بسبب اشتراكهما في الموضوع الذي يُدرسُ، وهو القرآن، فَعِلْمُ علومِ القرآنِ يتحدثُ عن علومِه المستنبطةِ منه والخادمةِ له، وعلمُ تفسيرِ القرآنِ يتحدثُ عن بيانِه وكشفِ معانيه. استطرادٌ في: دخول مواد بعض العلوم الأخرى في علومِ القرآنِ: مما يلاحظُ أنَّ جملةً من العلوم المندرجةِ في كتبِ علومِ القرآنِ

= معاني القرآنِ للفراءِ، وكتابِ معاني القرآنِ للأخفشِ، وغيرِها.

1 / 17

موجودةٌ في كتبِ علومٍ أخرى؛ كالمسائل المتعلقةِ بالناسخِ والمنسوخِ، والمطلقِ والمقيَّدِ، والخاصِّ والعامِّ، وغيرها من المسائل التي هي من جملةِ علمِ أصول الفقهِ، فهل يعني هذا أنَّ هذه العلومَ ليست من صميمِ علومِ القرآن؛ كعلمِ القراءاتِ، وعلم نزولِ القرآنِ، وغيرِها من العلومِ التي تتعلق به فقط. في هذه المسألةِ نظرٌ لا بدَّ من بيانِه، فأقول: إنَّ هذه المسائل وغيرَها من صميمِ علومِ القرآنِ، لا شكَّ في ذلكَ، ولكن لما سبقَ علماءُ الأصولِ - مثلًا - إلى تحريرِ المسائلِ المعلِّقة بالناسخِ والمنسوخِ، والعامِّ والخاصِّ، والمطلقِ والمقيَّدِ، وغيرها، وضبطوها ضبطًا خاصًّا = صارتْ تُنْسَبُ إلى علمهم (١)، ولما كان ذلك كذلك، فإنه قد يُفهمُ أنَّ هذه العلومَ المحرَّرةَ في كتبِ العلومِ الأخرى ليست من علوم القرآنِ. والواقعُ أنَّ هذه العلومَ مشتركةٌ بين هذين العلمين، وكونُ أصحابِ هذه العلومِ حرَّروا هذه المسائل المشتركةَ قبلَ علماء علومِ القرآنِ، فإن هذا لا يعني أنها ليست من علومِ القرآنِ، وإنْ كانَ يُنسبُ لأصحابِ العلومِ الأخرى تحريرُ مسائلِ هذه العلومِ التي استفادَ منها من كتبَ في علومِ القرآنِ. وإن كان علماءُ علومِ القرآنِ قد استفادوا في تقعيدِ هذه العلومِ من

(١) يقاس على ذلك غيرُها من المسائل التي استفادها مَنْ كَتَبَ في علومِ القرآنِ مِنْ كُتُبِ العلومِ الأخرى. ويجبُ أن يلاحظَ أنَّ الاصطلاحَ قد يختلفُ بين علماء علومِ القرآنِ وغيرِهم، وهذا مما يجب أن يُراعى، فالاتفاقُ في المسمَّى لا يعني الاتفاق في المصطلحِ.

1 / 18

كتبِ العلومِ الأخرى، لسبقِها في ذلك، فإنَّ هذا لا يعني الاتِّفاقَ التَّامَّ بين كتب علوم القرآنِ وغيرِها في طرحِها لهذه العلومِ. ويبدو أنَّ هذا السَّبقَ في التَّدوينِ جعلَ بعضَ الباحثينَ يظنُّ أنَّ جملةً من علومِ القرآنِ، مما يكونُ متداخلًا مع علمٍ آخر = ليست خالصةً له. وأزيدُ فأقولُ: إنَّ الأصلَ في العلومِ الإسلاميَّةِ التَّداخلُ، وهناكَ قاسمٌ مشترَكٌ بين أصولِ هذه العلومِ، ذلك أنَّ العلومَ الشَّرعيَّة كلَّها مستقاةٌ من الكتابِ والسُّنَّةِ، والكتابُ نزل بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ، وكذا الحالُ في السُّنَّةِ أنَّها بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ. فالفقيهُ - مثلًا - يحتاجُ إلى تفسير آياتِ الأحكامِ، ولكنَّه لا يحتاجُ إلى تفسير غيرها من الآيات. والمفسِّرُ المشتغلُ بعلومِ القرآنِ يُعنَى بتفسيرِ آياتِ الأحكامِ؛ لأنها جزءٌ من علمِه الذي يشتغلُ به. ولا بدَّ لكلٍّ من الفقيهِ والمفسِّرِ من أصولٍ توصلُهما إلى مرادهما (أي: تفسير آيات الأحكام). ومع اتفاقِهما في محلِّ البحثِ (أي: آيات الأحكام). وفي اللُّغةِ التي يفسِّرُونَ بها، وإليها يرجعُ كثيرٌ من الأصولِ. وفي الغاية التي يريدونها، وهي تفسير آياتِ الأحكامِ = فمن الطَّبيعيِّ أن تتَّفِقَ كثيرٌ من أصولِهما. ولكنَّ الأصولَ التي تعنِي الفقيهَ هي المتعلِّقةُ بآياتِ الأحكامِ فحسب؛ لأنَّها مجالُ بحثِه، في حين يهتمُّ المفسِّرُ بالأصولِ التي تتعلَّقُ بجميعِ آياتِ القرآنِ، من آيات عقائدَ وأحكامٍ وأخبارٍ.

1 / 19

ومن ثَمَّ، قد تجدُ في أصولِ الفقهِ ما ينطبقُ على جميعِ آياتِ الأحكامِ، لكنَّه لا ينطبقُ على غيرِها من الآياتِ، وهذا الذي لا ينطبقُ على غيرِها من الآياتِ ينبغي أن لا يوجدَ في أصولِ التَّفسيرِ وعلومِ القرآنِ، لعدمِ وجودِ تطبيقاتٍ له، أو لاختلافِ المصطلحاتِ وتطبيقاتِها بين العلمينِ. ومن هنا وقع الخطأُ من بعضِ من كتبَ في علمِ أصولِ التَّفسيرِ أو علومِ القرآنِ حينَ جعلُوا القواعدَ التي وضعَها علماءُ أصولِ الفقه التي تخصُ آياتِ الأحكامِ منطبقةً على جميعِ الآياتِ القرآنيَّةِ. ومن الأمثلةِ على ذلكَ أنَّكَ تجدُ أنَّ علماءَ أصولِ الفقه قد قعَّدوا قاعدةً في النَّسخِ، وهي: الأخبارُ لا يجوزُ فيها النَّسخُ. وإذا رجعتَ إلى المأثورِ عن السَّلفِ، وجدتَ أنَّهم حكموا بالنَّسخ على بعضِ الأخبارِ، فهلْ تُخَطِّئُ الواردَ عن السَّلفِ، أو أنَّ في الأمرِ شيئًا آخر؟ لا شكَّ أنَّ القاعدةَ المذكورةَ صحيحةٌ، ولكن يلزمُ أن تفهم أن مرادَ السَّلفِ بالنَّسخِ أوسع من مرادِ الأصوليِّين، فالسَّلفُ يريدونَ بالنَّسخِ مطلقَ الرَّفعِ، فأيُّ رفعٍ يحصلُ لمعنى الآيةِ من تخصيصٍ أو تقييدٍ أو بيانٍ أو نسخٍ اصطلاحيٍّ، فهو نسخٌ عندهم، وعلى هذا فالأخبارُ يدخلها النَّسخُ؛ أي: التخصيص أو البيان أو التَّقييد أو غيرُها مما يدخلُ الأخبار، وليس المرادُ الإزالةَ التَّامَّةَ التي تكونُ في النَّسخِ الاصطلاحيِّ المتأخّر، وسيأتي بيانُ ذلكَ بأمثلتِه في (كتب النَّاسخِ والمنسوخِ). وهذا الذي ذكرتُه لك من التَّمثيلِ بأصولِ الفقه وعلومِ القرآن، إنَّما هو مثالٌ تقيسُ عليه تداخلَ المعلوماتِ بين العلومِ الشَّرعيَّةِ، واللهُ أعلمُ. ومن ثَمَّ، فإنَّك قد تجدُ أصولَ مسائلِ علمٍ من علومِ القرآنِ مستقاةً من كتبِ علمٍ آخرَ، وهذه الأصول المستقاةُ هي من صميمِ بحثِهم، لكنهم

1 / 20

تأخروا في تحريرها فنقلوها عمَّن حرَّرها، وأضربُ لك مثلًا بعلم التجويدِ: يقولُ شمس الدينِ ابنُ الجَزَرِيِّ (ت: ٨٣٣) في كتابِه التمهيد في علم التجويدِ: «مخارجُ الحروف عند الخليلِ سبعةَ عشر مخرجًا (١)، وعند سيبويه وأصحابه ستَّةَ عشر (٢)، لإسقاطِهم الجويَّة (٣)، وعند الفراء وتابعيه أربعةَ عشر، لجعلهم مخرجَ الذلقيةِ (٤) واحدًا» (٥). ألا تلاحظُ أنَّ المقرئ ابن الجَزَريِّ (ت: ٨٣٣)، وهو يتحدَّثُ عن أصلٍ من أصولِ التجويدِ، يُرجِعُ معلوماتِه إلى علماءِ لغةٍ ونَحْوٍ، ولم يُرجِعْهُ إلى عالمٍ متخصَّصٍ بعلمِ القراءةِ! أيعني هذا أنَّ مخارجَ الحروفِ ليستْ من علمِ التجويدِ؟ كلاَّ. لكنَّ علماءَ النَّحوِ واللُّغةِ كانوا أصحابَ التَّحريرِ الأولِ لمسائلِ مخارجِ الحروف وصفاتها، فلما أفردَ علماءُ القراءاتِ علمَ التَّجويدِ لبيانِ صفةِ قراءةِ كلِّ قارئٍ على حِدةٍ، جعلوا علم مخارجِ الحروف وصفاتِها من أوَّلِ العلومِ التي يحتاجُها دارسُ التَّجويدِ، ولما كتبوا مسائلها نقلوها عن أوَّلِ من حرَّرها، وهم علماءُ النَّحوِ واللُّغةِ، ولا يختلف اثنانِ في أنَّ علمَ النَحوِ واللُّغةِ سابقانِ لعلمِ القراءةِ والتجويدِ من حيثُ التأليف. إذًا، فمخارجُ الحروفِ وصفاتُها من صميمِ علم التَّجويدِ، وإنما

(١) ينظر عن المخارج عند الخليل: كتاب العين (١:٥١ - ٥٢، ٥٧ - ٥٨). (٢) ينظر عن المخارج عند سيبويه: الكتاب، طبعة بولاق (٢:٤٠٥). (٣) أي: حروف الجوف المدية، وهي الألف والياء والواو. (٤) أي: اللام والراء والنون. (٥) التمهيد في علم التجويد، لابن الجزري، تحقيق: الدكتور علي حسين البواب (ص١٠٥).

1 / 21

نُقلتْ عن علماء النَّحوِ واللُّغةِ لسبقِهم في التدوينِ (١). وبعدَ هذا الاستطرادِ، أرجِعُ إلى صُلبِ الموضوعِ، وهو:

(١) لقد تكلم قوم في علم التجويد، وضعَّفوا تأصيلَه، وجعلوه علمًا حادثًا، وفي هذا نظرٌ ليس هذا محله، والذي أريدُ أن أُنبِّه عليه هنا: ١ - مما ينبغي أن يعلمَ أوَّلًا: أنَّ القرآنَ قد خالفَ المعهودَ من نظمِ العربِ ونثرِها، وإن لم يخرجْ عن سنَنِها في الكلامِ، وكذلكَ الحالُ في قراءتِه، فإنَّها مخالفةٌ لكيفيَّةِ قراءتِهم لنثرِهم وشعرِهم، وإن وقع اشتراكٌ بين الكيفيَّتينِ، لكن كان له تميُّزهُ في طريقةِ قراءته. ٢ - أنَّ في علم التجويدِ مسائلَ تتعلَّقُ بعربيَّةِ القرآنِ؛ أي: أنَّه لا تقومُ قراءتُه بدونِها، وهي قسمان: قسمٌ ليسَ فيه إلاَّ وجه واحدٌ؛ كمخارجِ الحروفِ وصفاتِها. وقسم فيه وجهان أو أكثر عند القراءِ، كالإظهارِ والإدغامِ، والفتحِ والإمالةِ، والوقف على الهمزِ وعدمه، والسكت وعدمه، إلى غيرِ ذلكَ من المسائلِ التي تجدها في علم النَّحوِ، وهي من صميمِ علمِ التجويدِ. ٣ - أنَّ القراءة علمُ مشافهةٍ، ولذا لا يُمكن أخذُه من الصُّحفِ، فلو قرأت أنَّ فلانًا من القرَّاء يقرأ حرفًا ما بالإشمامِ أو بالرَّوم، فلا يمكنُ أن تعرفَ كيفيَّةَ تطبيقِ ذلك إلاَّ بأخذِها على معلِّمٍ شافَه شيخَه وتلقى عنه هذه الصِّفةَ من القراءةِ. وهذا مما ينبغي أن يُشكَرَ ويذكَرَ لعلماءِ التَّجويدِ والقراءةِ؛ لأنَّهم حفِظُوا طريقةَ نطقِ بعض الأمورِ الصَّوتيَّةِ التي لو لم تؤخذ بالمشافهة، لما عرفت كيفيَّةُ نُطقِها عندَ العربِ. ٤ - أنَّ الذين نقلوا حروفَه، وأُخِذَ عنهم هذا النقلُ، هم الذينَ نقلوا كيفيَّة أداء هذه الحروفِ، فكما قُبِلَ منهم نقلُ الحروفِ، يُقبلُ منهم نقلُ الأداءِ، وهو التَّجويدُ، الذي هو وصفٌ اصطلاحيٌّ لصفةِ القراءةِ النَّبويَّة للقرآنِ، بما ثبتت به الروايةُ من طريقِ القرَّاءِ. ٥ - أنَّ علم التجويدِ قد دخلَه الاجتهادُ، وذلك في أمرينِ: الأول: التَّقسيماتُ والتَّعريفاتُ الاصطلاحيَّةُ، وهو في هذا ككلِّ العلومِ الإسلاميَّةِ. الثاني: التَّقديراتُ والتَّحريراتُ؛ كتقديرِ حركاتِ المدِّ الفرعيِّ، أو تحرير الأوجه عند وصل السور.

1 / 22