كشف الأسرار عن القول التليد فيما لحق مسألة الحجاب من تحريف وتبديل وتصحيف
الناشر
بدون
تصانيف
وغيره، وعمر ما قال ذلك إلا لما أكثر الناس من الدخول على بيوت النبي ﷺ وشجعهم على ذلك وطمأنهم عليه كونهن أمهاتهم، وهو أولى بهم من أنفسهم كما نصت عليه الآية السادسة من سورة الأحزاب، ولم يكن لأحد بعد هذا أن يمنع أو يحجب الرجال عن الدخول على أمهاتهم إلا بنص قرآني آخر، ولهذا لم يحجبهن رسول الله ﷺ من عند نفسه وكان شديد الحياء، فكان عمر ﵁ يحث على ذلك حتى نزلت الآيات، قال الإمام السيوطي في لباب النقول في أسباب النزول: (قال الحافظ بن حجر (١): يمكن الجمع بأن ذلك وقع قبل قصة زينب فلقربه منها أطلق نزول آية الحجاب بهذا السبب ولا مانع من تعدد الأسباب، وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب قال: كان رسول الله ﷺ إذا نهض إلى بيته بادروه فأخذوا المجالس فلا يعرف ذلك في وجه رسول الله ﷺ ولا يبسط يده إلى الطعام استحياء منهم فعوتبوا في ذلك فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا
_________
(١) وقال الحافظ في الفتح عند (قوله باب خروج النساء إلى البراز): (وطريق الجمع بينها أن أسباب نزول الحجاب تعددت وكانت قصة زينب آخرها للنص على قصتها في الآية، والمراد بآية الحجاب في بعضها قوله تعالى: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن﴾) انتهى. ثم ساق من الأسباب حديث سودة ﵂ عند خروجها، وسيأتي معنا ترتيب ذلك عند كلامنا في (المبحث السادس) عن أقوال أهل العلم في خصوصية أمهات المؤمنين ..
1 / 22