الفتح العمري للقدس نموذج للدعوة بالعمل والقدوة
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة عشرة
سنة النشر
العدد الواحد والستون محرم- صفر- ربيع الأول ١٤٠٤هـ
تصانيف
الفتح العُمَرِي لِلقدسِ نموذج للدّعوَة بالعمل وَالقدوَةِ
د. شفيق جاسر أحمد محمود رئيس قسم التاريخ بالجامعة
تمهيد:
وضع الإسلام معايير خاصة لسلوك المسلمين، تجعل له طابعًا متميزًا، وهذه المعايير مستوحاة من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، ومن التطبيق العملي لهذه الأخلاق وهذا السلوك، كما قام بها ومارسها رسول الله ﷺ وخلفاؤه الراشدون وأصحابه والسلف الصالح جميعًا.
فلا إيمان بالقلب إلا إذا صدقه العمل وظهر على الجوارح بالعبادات والأخلاق والمعاملات. وقد كان التزام سلفنا الصالح بهذا الخلق سببًا لنيلهم خيري الدنيا والآخرة، ومثارًا لإعجاب أعدائهم بهم، وبعقيدتهم ودينهم الجديد. فدانت لهم الأمم، وأعجبه بهم الشعوب، ودخلت في دينهم زرافات ووحدانا طائعة مسرورة. وحتى الشعوب التي بقيت على دينها، فإنها رأت في الخضوع لسلطان المسلمين خلاصًا من ظلم مستعبديهم ولو كانوا من بني جلدتهم، ورأت في الوجود الإسلامي أمنًا واطمئنانًا على النفس والعرض والمال والولد والمعتقد والمقدسات.
لهذا فقد كان سلوك المسلمين أهم وسائل إظهار محاسن دينهم وكان لذلك أثره على الفرد والمجتمع، كما كان تطبيقهم العملي لتعاليم ذلك الدين، أهم وسائل الدعوة لهذا الدين، فالمساواة، والعدل، والتواضع، والإعراض عن الإغراق في متع الدنيا، والرحمة ورعاية أهل ذمة الله ورسوله، كل تلك الصفات المثالية طبقها المسلمون وخصوصًا في عصر النبوة والخلفاء الراشدين كما طبقها من جاء بعدهم من الخلفاء المتقين أمثال عمر بن عبد العزيز وغيره.
1 / 185