تجهيز الجيش لقتال التتار
بعد هذا الاجتماع الخطير والقرار الصعب وقتل الرسل بدأ قطز ﵀ في التجهيز السريع للجيش، فقد اقتربت جدًا لحظة المواجهة، ووصلت الرسالة إلى التتار بأن المسلمين في مصر سيقاتلونهم حتمًا، ولا مهرب من القتال.
إن قطز تولى الحكم في (٢٤) من ذي القعدة سنة (٦٥٧) من الهجرة، ورسالة هولاكو جاءته قبل أن يغادر هولاكو أرض الشام عائدًا إلى منغوليا، بعد وفاة زعيم التتار منكو خان وبعد سقوط حلب بقليل وقبل سقوط دمشق، ثم فتح دمشق كتبغانوين، وحلب سقطت في صفر سنة (٦٥٨ هـ)، ودمشق سقطت في ربيع أول (٦٥٨ هـ)، يعني: أن الرسالة وصلت لـ قطز ﵀ إما في آخر صفر أو في أول ربيع الأول، يعني: بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه الحكم ﵀.
فكل هذه الترتيبات والخطوات التي عملها قطز ﵀ لم تستغرق إلا ثلاثة أشهر فقط، فكل المشاكل التي قابلها وحلها أخذت منه ثلاثة أشهر فقط، وهذه المشاكل تحتاج إلى سنوات، بل إلى عقود كاملة حتى يتم حلها على الوجه الأمثل، ولكنه استعان بالله ﷿، وبدأ يتعامل بحمية ونشاط مع المشكلة تلو الأخرى، وكان الهدف في ذهنه واضحًاَ جدًا، فلا بد من القضاء على هذه القوة الهمجية -قوة التتار-، وتحرير كل بلاد المسلمين.
إذًا: فكل ما قلناه في الدرس الماضي: من استقرار الوضع الداخلي، وتوحيد الصف، وعفوه عن المماليك البحرية، واستقدامه لهم من بلاد الشام وتركيا وغيرها، ومراسلة أمراء الأيوبيين، وتجميع الجيش، وتجهيز الشعب لقضية الجهاد في سبيل الله، وتحميس الأمراء كل هذا المجهود كان في ثلاثة أشهر فقط.
9 / 9