الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مكتبة ابن تيمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
ومن الأدلة على ذلك:
أـ أنه رأى يومًا بيد عمر بن الخطاب ﵁ ورقة من التوراة، وكان عمر قد أعجبه ما فيها، فغضب رسول الله ﷺ غضبا ًشديدًا، وقال لعمر: [أهذا وأنا بين أظهركم، لقد جئتكم بها بيضاء نقية. . والله لو كان موسى حيًا لما وسعه إلا أن يتبعني] (رواه بنحوه الإمام أحمد في مسنده (٣/٣٨٧) والبيهقي في شعب الإيمان، والدارمي (١/١١٥ - ١١٦) بأتم منه، قال أستاذنا الألباني في (تخريج المشكاة - ١/٦٣): " وفيه مجالد بن سعيد، وفيه ضعف، ولكن الحديث حسن عندي لأن له طرقًا كثيرة عند اللالكائي والهروي وغيرهما، وقد خرجت بعضها في (الإرواء - ١٥٨٩)، وفي هذا الحديث من الفقه:
أولا: أن الرسول ﷺ تعجب أن يبدأ الاهتداء بغير الكتاب والسنة وهو ما زال حيًا. ومن مقتضى الإيمان بالكتاب والسنة أن يعتقد أن الهدي فيهما وحدهما.
وثانيا: أن الرسول ﷺ قد جاء بالدين نقيًا خالصًا، لم تشبه شائبة من تغيير أو تبديل أو تحريف، والصحابة يتلقونه غضًا طريًا خالصًا، فكيف ينصرفون عنه ويهتدون بما شابه التحريف والتبديل والزيادة والنقص.
وثالثًا: أن موسى ﵇ نفسه الذي نزلت عليه التوراة لو أنه حي موجود لكان اللازم في حقه هو متابعة الرسول ﷺ وترك شريعته التي بلغها للناس.
وهذا الحديث أصل في بيان منهج الكتاب والسنة، وأنه لا يجوز لأحد أن يهتدي بعلم يقرب إلى الله، ويصلح النفس غير الذي بعث به رسول الله ﷺ حتى لو كان أصله من شريعة منزلة علي أحد الأنبياء السابقين.
ب - والدليل الثاني أن رسول الله ﷺ سمع خطيبًا يخطب بين يديه فكان مما قاله: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى فقال له رسول الله ﷺ: (بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله
1 / 20