مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث
الناشر
مكتب المطبوعات الإسلامية
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤١٦ م
مكان النشر
حلب
تصانيف
قَالَ ابْنُ كَاسٍ النَّخَعِيُّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ [خَازِمٍ]، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بنُ حَمَّادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ زُفَرَ بنِ الهُذَيْلِ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيْفَةَ يَقُولُ:
«كُنْتُ أَنظُرُ فِي الكَلاَمِ حَتَّى بَلَغتُ فِيهِ (مَبْلَغًا يُشَارُ إِلَيَّ فِيهِ بِالأَصَابِعِ) (١).
وَكُنَّا نَجلِسُ بِالقُرْبِ مِنْ حَلْقَةِ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، فَجَاءتْنِي امْرَأَةٌ يَوْمًا، فَقَالَتْ لِي: رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ أَمَةٌ، أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ، كَمْ يُطَلَّقُهَا؟
فَلَمْ أَدرِ مَا أَقُولُ، فَأَمَرْتُهَا أَنْ تَسْأَلَ حَمَّادًا، ثُمَّ تَرْجِعَ تُخْبِرَنِي.
فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: " يُطَلِّقُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ مِنَ الحَيْضِ وَالجِمَاعِ تَطْلِيقَةً، ثُمَّ يَترُكُهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَتَيْنِ، فَإِذَا اغْتَسَلتْ، فَقَدْ حَلَّتْ لِلأَزْوَاجِ ".
فَرَجَعَتْ، فَأَخْبَرَتْنِي، فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي الكَلاَمِ، وَأَخَذتُ نَعْلِي، فَجَلَستُ إِلَى حَمَّادٍ، فَكُنْتُ أَسْمَعُ مَسَائِلَه، فَأَحْفَظُ قَوْلَه، ثُمَّ يُعِيدُهَا مِنَ الغَدِ، فَأَحْفَظُهَا، وَيُخْطِئُ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: لاَ يَجْلِسْ فِي صَدْرِ الحَلْقَةِ بِحِذَائِي غَيْرُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَصَحِبْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ.
ثُمَّ نَازَعَتنِي نَفْسِي الطَّلَبَ لِلرِّئَاسَةِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْتَزِلَهُ وَأَجلِسَ فِي حَلْقَةٍ لِنَفْسِي، فَخَرَجتُ يَوْمًا بِالعَشِيِّ وَعَزْمِي أَنْ أَفْعَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُه، لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَعتَزِلَهُ، فَجَاءهُ تِلْكَ اللَّيلَةَ نَعْيُ قَرَابَةٍ لَهُ قَدْ مَاتَ بِالبَصْرَةِ، وَتَرَكَ مَالًا، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَجلِسَ مَكَانَه
_________
(١) ما بين القوسين سقط من الأصل: " تذهيب التهذيب " فزدته من " تهذيب الكمال ".
1 / 91