مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

محمد عبد الرشيد النعماني ت. 1420 هجري
68

مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

الناشر

مكتب المطبوعات الإسلامية

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤١٦ م

مكان النشر

حلب

تصانيف

مِنَ التَّابِعِينَ كَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ، وَلَكِنَّهُ فِي التَّابِعِينَ ; [أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَعْدَهُمْ] بِقِلَّةٍ، لِقِلَّةِ الضَّعْفِ فِي مَتْبُوعِيهِمْ ; إِذْ اكْثَرُهُمْ صَحَابَةٌ عُدُولٌ، وَغَيْرُ الصَّحَابَةِ مِنَ المَتْبُوعِينَ أَكْثَرُهُمْ ثِقَاتٌ، وَلاَ يَكَادُ يُوجَدُ فِي القَرْنِ الأَوَّلِ الذِي انْقَرَضَ فِي الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ ضَعِيفٌ إِلاَّ الوَاحِدَ بَعْدَ الوَاحِدِ ; كَالحَارِثِ الأَعْوَرِ وَالمُخْتَارِ الكَذَّابِ. فَلَمَّا مَضَى القَرْنُ الأَوَّلُ وَدَخَلَ الثَّانِي كَانَ فِي أَوَائِلِهِ مِنْ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ جَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، الذِينَ ضُعِّفُوا غَالِبًا مِنْ قِبَلِ تَحَمُّلِهِمْ وَضَبْطِهِمْ لِلْحَدِيثِ، فَتَرَاهُمْ يَرْفَعُونَ المَوْقُوفَ وَيُرْسِلُونَ كَثِيرًا، وَلَهُمْ غَلَطٌ ; كَأَبِي هَارُونَ العَبْدِيِّ. فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ آخِرِ عَصْرِ التَّابِعِينَ - وَهُوَ حُدُودُ الخَمْسِينَ وَمِائَةٍ - تَكَلَّمَ فِي التَّوْثِيقِ وَالتَّضْعِيفِ طَائِفَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: " مَا رَأَيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الجُعْفِيِّ ". وَضَعَّفَ الأَعْمَشُ جَمَاعَةً، وَوَثَّقَ آخَرِينَ، وَنَظَرَ فِي الرِّجَالِ شُعْبَةُ وَكَانَ مُتَثَبِّتًا لاَ يَكَادُ يَرْوِي إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ، [وَكَذَا كَانَ] مَالِكٌ». انتهى. وقال الإمام العلامة الحافظ عبد القادر القرشي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في " الجواهر المضية في طبقات الحنفية " (١): «أعلم أَن الإِمَام أَبَا حنيفَة قد قبل قَوْلَهُ فى الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وتلقاه عَنهُ عُلَمَاء هَذَا الفَنِّ وَعمِلُوا بِهِ، كتلقيهم عَن الإِمَام أَحْمد

(١) ١/ ٣٠ و٣١ من طبعة الهند.

1 / 71