مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

محمد عبد الرشيد النعماني ت. 1420 هجري
130

مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث

الناشر

مكتب المطبوعات الإسلامية

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤١٦ م

مكان النشر

حلب

تصانيف

وقال ابن عبد البر في (باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض) من " جامع بيان العلم " (١) أيضًا، ما نصه: «قَدْ غَلَطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَضَلَّتْ فِيهِ نَابِتَةٌ جَاهِلَةٌ لاَ تَدْرِي مَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا البَابِ أَنَّ مَنَ صَحَّتْ عَدَالَتُهُ وَثَبَتَتْ فِي العِلْمِ إِمَامَتُهُ وَبَانَتْ ثِقَتُهُ وَبِالعِلْمِ عِنَايَتُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ فِيهِ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ فِي جَرْحَتِهِ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ يَصِحُّ بِهَا جَرْحَتُهُ عَلَى طَرِيقِ الشَّهَادَاتِ وَالعَمَلِ فِيهَا مِنَ المُشَاهَدَةِ وَالمُعَايَنَةِ لِذَلِكَ بِمَا يُوجِبُ تَصْدِيقَهُ فِيمَا قَالَهُ لِبَرَاءَتِهِ مِنَ الغِلِّ وَالحَسَدِ وَالعَدَاوَةِ وَالمُنَافَسَةِ وَسَلاَمَتِهِ مِنْ ذَلَكَ كُلِّهِ، فَذَلَكَ كُلُّهُ يُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ مِنْ جِهَةِ الفِقْهِ وَالنَّظَرِ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَثْبُتُ إِمَامَتُهُ وَلاَ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ وَلاَ صَحَّتْ لِعَدَمِ الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ رِوَايَتُهُ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِيهِ إِلَى مَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ وَيُجْتَهَدُ فِي قَبُولِ مَا جَاءَ بِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يُؤَدِّي النَّظَرُ إِلَيْهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُقْبَلُ فِيمَنِ اتَّخَذَهُ جُمْهُورٌ مِنْ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ إِمَامًا فِي الدِّينِ قَوْلُ أَحَدٍ مِنَ الطَّاعِنِينَ: إِنَّ السَّلَفَ ﵃ قَدْ سَبَقَ مِنْ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ كَلاَمٌ كَثِيرٌ، مِنْهُ فِي حَالِ الغَضَبِ وَمِنْهُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الحَسَدُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو حَازِمٍ (٢)،

(١) ٢/ ١٥٢ - ١٦٣. (٢) قال ابن عباس - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: «اسْتَمِعُوا عِلْمَ العُلَمَاءِ وَلاَ تُصَدِّقُوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَوَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمْ أَشَدُّ تَغَايُرًا مِنَ التِّيُوسِ فِي زُرُوبِهَا». وقال مالك بن دينار: «يُؤْخَذُ بِقَوْلِ العُلَمَاءِ وَالقُرَّاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ؛ فَلَهُمْ أَشَدُّ تَحَاسُدًا مِنَ التِّيُوسِ». وقال أبو حازم: «العُلَمَاءُ كَانُوا فِيمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ إِذَا لَقِيَ =

1 / 133