علوم البلاغة «البديع والبيان والمعاني»
الناشر
المؤسسة الحديثة للكتاب
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠٠٣ م
مكان النشر
طرابلس - لبنان
تصانيف
٢ - التورية المرشّحة:
وهي التي ذكر فيها ما يلائم المورّى به، وهو أقوى درجات الإيهام في التورية لأنه يقوّي المعنى القريب فيخفي المعنى البعيد المقصود ويكون هذا الذكر:
أ- قبل لفظ التورية:
ومثالها قوله تعالى وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الذاريات: ٤٧.
والتورية في (بأيد) لأنها تحتمل معنيين:
- المعنى القريب: وهو الجارحة، اليد الحقيقية. وهذا المعنى مورّى به، وقد سبقت بلفظ (بنيناها) على جهة الترشيح وهو من لوازم اليد.
- المعنى البعيد: قوّة الخالق وعظمته وهذا المعنى مورّى عنه، وهو المراد؛ لأن الخالق جل وعلا منزّه عن المعنى الأول.
ومنها أيضا قول يحيى بن منصور (الطويل):
فلما نأت عنّا العشيرة كلّها ... أنخنا فحالفنا السيوف على الدّهر
فما أسلمتنا عند يوم كريهة ... ولا نحن أغضينا الجفون على وتر
فالتورية في (الجفون) لاحتمال اللفظ معنيين هما:
- المعنى القريب: وهو جفون العين الحقيقية، وهذا هو المعنى المورّى به، وقد سبقه لازم من لوازمه على جهة الترشيح.
(أغضينا) لأن الإغضاء من لوازم العين.
- المعنى البعيد: جفون السيوف (أغمادها)، وهو المعنى المورّى عنه. وهذا هو المعنى المراد لأن السّيف إذا أغمد انطبق الجفن عليه، وإذا جرّد انفتح.
1 / 78