السلفيون والأئمة الأربعة ﵃ -
الناشر
الدار السلفية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٩٨ هـ - ١٩٧٨ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
رابعًا: " الإنسان مدني بالطبع " هذه الكلمة التي أطلقها ابن خلدون تصف حقيقة بشرية وهي أن البشر يحتاجون أن يعيشوا في مدن وفي تجمعات. ومع اجتماع البشر وتكاثرهم ونماؤهم تتعدد معاملاتهم وتعظم مشكلاتهم، وينشأ أحيانًا الصراع بينهم بدلًا من التعاون في سبيل حفاظهم على ذواتهم أو حبهم لها ووسط هذا التعاون الضروري والصراع الدائم تتشابك المعاملات وتختلف المصالح، ولو خلى الله بين البشر وأنفسهم لأكل بعضهم بعضًا، ولساد قانون الغاب، ولكن الله من رحمته أرسل الرسل معلمين وهادين ومرشدين وأنزل الكتب ليقوم الناس بالقسط، والموازين التي أنزلها الله قاضية بالعدل بين الناس، وقد أكمل الله أصول هذا العدل في كتابه القرآن وعلى لسان رسوله ﷺ ولذلك نزل ما ينظم علاقة الرجل بالمرأة، والمسلم بأخيه من بيع وهبة والحاكم بالمحكوم، والمجتمع بالمجرم الخارج عليه. وكل ذلك في نظام بديع لو أقامه الناس لأقاموا سعادتهم على الأرض.
والنصوص القرآنية والحديثية التي نزلت في هذه المعاملات كانت بمثابة الضوابط والأصول العامة والإطار الذي يضيء للمسلمين الطريق ويسمح لهم أن يشرعوا لأنفسهم على هديه كلما جد لهم جديد مع أنفسهم أو مع أعدائهم. وهذا هو
1 / 26