الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الوجه الثاني: أن التَفعُّل إذا أضيف إلى من يصحُّ منه الفعل اقتضى إيجاده كما يقال: تَكرَّم وتَطرَّف وتَسدَّد.
الوجه الثالث: أنه لو أراد بهما معنى واحدًا لقال: «حتى يطهرن»، «فإذا تطهَّرن»، فلما خالف بين اللفظين علمنا أنَّ ذلك لاختلاف معناهما.
الوجه الرابع: أنه قد مدحها في آخر الآية فقال: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ ولا يمدحها إلاَّ على ما هو من فعلها، وهو الغسل، فأما انقطاع الدم فليس من فعلها.
الوجه الخامس: أنَّ حمله على انقطاع الدم لا تقولون به إذا كان لدون الأكثر، وحمله على الغسل يقول به الجميع في الأكثر، والأقل، فوجب الحمل عليه.
الوجه السادس: أنَّ حمله على انقطاع الدم حمل لفظين على معنى واحد، وحمله على الغسل حمل كلِّ لفظ على معنى مستجَد، فكان أولى؛ لأنه تكثير لفوائد القرآن (١).
أما القول: بأنَّ حكم ما بعد الغاية يخالف ما قبلها:
فنوقش: بأنه صحيح، ما لم يستأنف بعدها شرط آخر، فأما إذا استؤنف شرط آخر فإنه يقف عليه كما قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦].
فجعل بلوغ النكاح شرطًا، وإيناس الرشد شرطًا آخر، فكذلك قوله: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ شرط وقوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ شرط آخر، ولهذا أعاده بغير اللفظ الأول، فزاد فيه التاء والتشديد (٢).
الوجه الثاني: من الاحتجاج بالآية:
أنَّ الله تعالى نهى عن وطء الحائض، وأباح وطء الطاهر بقوله: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ الآية.
(١) انظر: الاقتصار (١/ ٥٧٧، ٥٧٨). (٢) الانتصار (١/ ٥٧٨)
1 / 166