112

الأحكام المترتبة على الحيض والنفاس والاستحاضة

الناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٩ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

الوجه الرابع من الاستدلال: قول عائشة ﵂: «ترجع صواحبي بحجٍّ وعُمرة، وأرجع أنا بالحج». وهذا صريحٌ في رفض العمرة؛ إذ لو أَدخلت الحج على العمرة لكانت هي وغيرها سواء، ولَمَا احتاجت إلى عُمرةٍ أخرى بعد العمرة والحج اللذين فعلتهما (١). ويمكن أن يُناقش: بأنَّ عائشة إنما قالت ذلك بعد أن قال لها النبي ﷺ: «يسعك طوافك لحجِّك وعمرتك»، وكان قصدها أن تأتي بعمرة مفردة كما قصدت أولًا، وأن ترجع بمثل ما يرجع به أزواجه، فلمَّا حصل لها ذلك قال لها: «هذه مكان عمرتك» (٢). الوجه الخامس من الاستدلال: أنها شكت إلى النبي ﷺ وأظهرت الجزع لفوات العمرة، ولم يخبرها النبي ﷺ أنَّ القارن لا يحتاج إلى الاعتمار مستقلًاّ (٣). ونوقش: بأن هذا تَحكُّم، وكيف يُقال هذا والنبي ﷺ قد قال لها: «يسعك طوافك لحجِّك وعمرتك». الوجه السادس: أنَّ عائشة اضطربت لأمرٍ لم يفعله النبيُّ ﷺ، وإنما كان هذا محلُّ افتخار وابتهاجٍ أنها وافقت النبي ﷺ في الأفعال، فإن لم يكن النبي ﷺ طاف لهما طوافَين، ولم يسعَ سعيَين، فعلى أيِّ أمرٍ تتحسَّر؟ أعلى أمرٍ لم يفعله النبي ﷺ؟! فدلَّ على أنها كانت ترى الناس فائزين بالطوافين، كما نطقت به أيضًا، حيث قالت: "يرجع الناس بحج وعمرة ... إلخ، ونفسها خائبة عن إدراك طواف العمرة، فحسرت لذلك، ولأجل ذلك أمرها النبي ﷺ بعد الحج أن تعتمر من التنعيم

(١) حاشية الكيلاني القادري على كتاب الحجة (٢/ ١٤٠). (٢) انظر: المغني (٥/ ٣٧٠) زاد المعاد (٢/ ١٧٠). (٣) حاشية الكيلاني على الحجة (٢/ ١٤٤) نقلًا عن فيض الباري (٣/ ٨٣).

1 / 116