النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
ومن هؤلاء: أبو هلال العسكري المتوفى سنة ٣٩٥ هـ؛ فقد فرق بينهما بأن الفصاحة مقصورة على اللفظ والبلاغة مقصورة على المعنى (١).
إلى أن حسم هذا الأمر معاصر عبد القاهر، ابن سنان الخفاجي المتوفى سنة ٤٦٦ هـ، في كتابه "سر الفصاحة" فقد فرق بينهما بأن الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ، ولكن البلاغة لا تكون إلا وصفًا للألفاظ مع المعاني؛ فلا يقال في كلمة واحدة لا تدل على معنى يفضل عن مثلها: بليغة؛ وإن قيل فيها: فصيحة؛ فكل كلام بليغ فصيح، وليس كل فصيح بليغًا (٢).
ولهذا كان ابن سنان أول بلاغي يحدد الفرق بين الفصاحة والبلاغة؛ وظل هذا التحديد شائعًا بين المتأخرين من البلاغيين (٣).
والفصاحة في اللغة هي الظهور والبيان، ومنها: أفصح اللبن إذا انجلت رغوته، وفصح فهو فصيح، قال الشاعر:
وتحت الرغوة اللبن الفصيح
ويقال: أفصح الصبح إذا بدا ضوؤه، وأفصح كل شيء إذا وضح، وفي الكتاب العزيز: ﴿وأَخِي هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ ورُوي عن النبي ﷺ أنه قال: "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش (٤) ".
_________
(١) ... الصناعتين صـ ٨.
(٢) ... سر الفصاحة لابن سنان صـ ٤٩.
(٣) ... بغية الإيضاح صـ ٢١.
(٤) ... سر الفصاحة صـ ٤٩.
1 / 89