النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
من أن يكون سائغًا بالاستعمال النادر والتأويل البعيد، أو مردودًا لخروجه عن عادة القوم الجارية عن فطرتهم، فأما ما يتعلق باختلاف لغات القبائل وذلك شيء مسلم به ومأخوذ عنهم، وكل ذلك محصور بالتتبع والرواية والسماع والقياس المطرد على الآصل المعروف من غير تحريف، وإنما دخل العجب على المنطقيين لظنهم أن المعاني لا تعرف ولا تستوضح إلا بطريقتهم ونظرهم وتكلفهم.
إذا قال لك القائل: كن نحويًا لغويًا فصيحًا "فإنما يريد افهم من نفسك ما تقول، ثم رم أن يفهم عنك غيرك، وقدر اللفظ على المعنى فلا ينقص عنه.
هذا إذا كنت في تحقيق شيء على ما هو به، فأما إذا حاولت فرش المعنى، وبسط المراد فأجل اللفظ بالروادف الموضحة، والأشباه المقربة، والاستعارات الممتعة، وسدد المعاني بالبلاغة (١) ".
لا بد أن عبد القاهر قد قرأ هذا، فقد وردت في العبارات السابقة عبارة "معاني النحو" ولفظ "التتبع" ولفظة "توخي" تلك التي نجد لها أثرًا في قوله عندما يعرف النظم بقوله: "تتبع معاني النحو - أو توخي معاني النحو - فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يوضع لها الكلام ولا بد أنه قد قرأ - أيضًا - ما نقلناه لك عن القاضي عبد الجبار حول فكرة النظم، والتي كان متأثرًا فيها هو الآخر بفكرة القاضي الجرجاني عن جوهر الكلام، وموقعه، ومكانه من النظم.
_________
(١) ... راجع الجزء الثامن من معجم الأدباء ص ١٩٠ وما بعدها (طبعة دار المأمون بالقاهرة).
(٦ - النظم البلاغي)
1 / 82