النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
يريدون اغتياله وقتله، فسمعوا آيات من القرآن الكريم، فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عداوته موالاة، وكفرهم إيمانًا، وقصة إسلام عمر بن الخطاب ﵁ خير شاهد على هذا (١).
ولعلك لاحظت أن الخطابي قد ركز على أمرين لبيان إعجاز القرآن الكريم، وهما: النظم، وتأثير القرآن الكريم في النفوس.
وأن هذين الأمرين قد لاحظهما هو الآخر بدوره من وصف العرب للقرآن الكريم حين تحداهم - تارةً بأنه شعر، لأنهم رأوه منظومًا (٢) - على حد تعبير الخطابي نفسه - وتارةً بأنه سحر، وذلك لتأثيره في نفوسهم تأثيرًا لم يستطيعوا دفعه عنها.
ولعلك تلاحظ - أيضًا - أن هذين الأمرين هما اللذان أدار عليهما عبد القاهر كتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة"؛ فقد أدار أولهما على نظرية النظم، وأدار الثاني على مدى تأثير صور البيان في النفوس.
ويمضي في نفس الطريق أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المتوفى سنة ٤٠٣ هـ - وهو من المتكلين على مذهب الأشاعرة - في كتابه: "إعجاز القرآن"، فيرد على مطاعن الملاحدة على أسلوب القرآن الكريم مبينًا أن الحاجة إلى الحديث عن إعجاز القرآن أمس من الحاجة إلى البحوث اللغوية والنحوية وإن الجاحظ قد صنف في نظم القرآن كتابًا، غير أنه لم يزد على ما قاله المتكلمون من قبله أما هو فيصرح بأنه سيضيف إلى من سبقوه ما يجب وصفه من طرق البلاغة وسبل البراعة.
_________
(١) ... ثلاث رسائل في إعجاز القرآن ص ٧٠، ٧١.
(٢) ... ثلاث رسائل في إعجاز القرآن ص ٢٨.
(٥ - النظم البلاغي)
1 / 65