النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
انفرد من بينهم بعكس هذا الاستعمال والحقيقة أن ناقد الأدب ليس رجلًا نحويًا، ولا علمًا من أعلام اللغة، ولا عالمًا بالصرف أو العروض، ولا راوية للمأثور من الأدب والأخبار والأنساب، ولكنه في الواقع كل أولئك الرجال، وثقافته تمثل كل تلك الثقافات، لأنها مادته التي يعتمد عليها في إصدار حكم صادر مستوعب (١)، فعبارة "النقد الأدبي" ينبغي أن تكون شاملة للنقد بأنواعه: النحوي، والعروضي، واللغوي والبلاغي.
فإذا تقدمنا قليلًا، وطالعتنا بوادر التأليف في "النقد الأدبي" التقينا بصحيفة بشر بن المعتمر، التي اعتبرها المحدثون من النقاد دعامة من دعائم النقد الأدبي، بل والأساس الذي قامت عليه الدراسات البلاغية أيضًا.
وفي تلك الصحيفة يوصي بشر باختيار الكلام، والبعد عن التعقيد، واختيار اللفظ الشريف للمعنى الشريف، مع مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
وتلك قيم بلاغية على درجة كبيرة من الأهمية، ومع ذلك فإن بعض النقاد المحدثين قد رأى أنها شاملة "لقواعد النقد الأدبي" وأصوله، بل إنه يرى أن تلك المفاهيم التي حوتها صحيفة بشر: أبعد الأشياء عن البلاغة بمعناها الاصطلاحي! !
وأنت ترى أن في هذا القول مبالغة ليست في محلها فقد حوت الصحيفة أهم قضية من قضايا البلاغة، وهي: "مطابقة الكلام لمقتضى الحال"، وقد صار هذا المفهوم تعريفًا للبلاغة حتى عصرنا الحاضر.
على أن هذا الرأي - بما فيه من مبالغة - يعطيك الدليل القوي على صحة ما نقول، وهي أن البلاغة قسم من أقسام النقد الأدبي، أو جزء لا غنى عنه من أجزائه.
_________
(١) ... نفس المرجع صـ ٤١.
(٤ - النظم البلاغي)
1 / 49