النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
به شأنها من أعمال الخير التي تذكر بها بعد الموت فالذكرى الطيبة للإنسان بعد موته هي بمثابة عمر ثان له.
ومن خروج الخطاب عن التعيين إلى العموم، لكي تشمل الفائدة وتعم: قول مصنفي الكتب:
"علمت أن الأمر كذا وكذا، فاعلم - هداك الله - أنه كذا وكذا" فالخطاب هنا لم يوجه إلى فرد معين، وإنما هو شامل لكل من يقرأ الكتاب.
وأما تعريف المسند إليه بإيراده علمًا: فإن ذلك يكون لأغراض، منها: إحضاره في ذهن السامع ابتداء باسم مختص به: وذلك كقولك: "محمد سافر" و"علي حضر".
لأنك إذا قلت "محمد" فإن السامع يتصوره في ذهنه، ويتعين لديه وكأنه حاضر أمامه، لأن اسمه الخاص به قد أحضره في ذهنه، فإذا قلت: (سافر) فأسندت إليه السفر، علم السامع ذلك دون تردد منه في شخص من تسند السفر إليه.
وهذا الغرض يلحق بما أسلفنا الحديث عنه في التعريف بالضمير، من أنه لا بحث للبلاغيين فيه، لأن دلالة الألفاظ على معانيها الحقيقية بحث لغوي، وليس بحثا بلاغيا فلا شأن للبلاغيين به.
ويمثلون لهذا الغرض بقول الله تعالى: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ".
ويمثلون له - أيضًا - بقول الحارث بن هشام بن المغيرة، شقيق أبي جهل وهو شاعر مخضرم شهد غزوة بدر مع المشركين، وفر عن أخيه أبي جهل فعيره بذلك حسان بن ثابت في قصيدة يقول فيها - مخاطبًا نفسه - (١)
(١») ديوان الحماسة حـ ١ ص ٦٤
1 / 215