النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق

حسن إسماعيل عبد الرازق ت. 1429 هجري
156

النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق

الناشر

دار الطباعة المحمدية القاهرة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٠٣ هـ

سنة النشر

١٩٨٣ م

مكان النشر

مصر

تصانيف

شفى الطبيب المريض فكل من (شفى) و(الطبيب) مستعمل في المعنى الذي وضع له، ولكن التجوز إنما هو في إسناد (شفى) إلى (الطبيب). ومنه قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ (١) فقد أسندت زيادة الإيمان إلى الآيات على سبيل المجاز العقلي، لأن الآيات سبب فيها، ومع هذا فإن الطرفين وهما: الزيادة، والآيات؛ مستعملان في معنييهما. ومنه قول جميل بن معمر: وشبب أيام الفراق مفارقي ... وأنشرن نفسي فوق حيث تكون "مفارقي" جمع مفرق على زنه مقعد ومجلس: وهو في الأصل: وسط الرأس حيث يفرق الشعر، والمراد هنا: عامة الشعر و"وآنشرن" رفعن، يقول: أن أيام الفراق - لما فيها من آلام السهر والفكر - أشاعت الشيب في رأسي على غير موعد، ونزعت النفس من مكانها حتى بلغت الحلقوم. وقد أسند التشبيب إلى أيام الفراق، على سبيل المجاز العقلي، لأن الفعل قد أسند إليه إلى زمانه، والطرفان مستعملان في حقيقتيهما. والثاني ما كان الطرفان فيه مجازين لغويين، وذلك كما في قولك: "أحيا الأرض شباب الزمان" فالإحياء - وهو إيجاد الحياة - قد استعمل (٢)

(١) ... الأنفال: ٢. (٢) ... الزلزلة: ٢.

1 / 159