النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق

حسن إسماعيل عبد الرازق ت. 1429 هجري
126

النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق

الناشر

دار الطباعة المحمدية القاهرة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٠٣ هـ

سنة النشر

١٩٨٣ م

مكان النشر

مصر

تصانيف

وإنما سمي هذا الضرب طلبيًا، لأن المخاطب به طالب لنوع من التأكيد يزيل به تردده. والإنكاري: وهو ما يلقى إلى المنكر للخبر؛ والرافض لقبوله. وهذا الضرب يجب تأكيده بحسب قوة الإنكار وضعفه، فكلما ازداد الإنكار؛ زيد في التأكيد. وذلك مثل قولك لمنكر نجاح محمد: إن محمدًا لناجح، فإذا زاد في إنكاره قلت له: والله إن محمدًا لناجح، وهكذا. انظر كيف قد رجت الآية الكريمة في التأكيد وفق إنكار المنكرين في قول الله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (١٥) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ﴾ (١). فالآية الكريمة تصور حوارًا جرى بين الرسل - أصحاب القرية التي أرسلوا إليها، وقد جاء خطاب الرسل لأصحاب القرية في المرة الأولى مؤكدًا بإن، واسمية الجملة؛ لأنهم كذبوا؛ بدليل قوله تعالى: "فكذبوهما". فلما رد عليهم أصحاب القرية بقولهم: "ما أنتم إلا بشر مثلنا" مؤكدين ردهم بالنفي والاستثناء: أي: لستم رسلًا؛ لاعتقادهم أن الرسول لا يكون بشرًا، مردفين بقولهم: "وما أنزل الرحمن من شيء" وهو تأكيد ثان لنفي الرسالة عنهم بصورة أبلغ؛ لأنهم نفوا أن يكون الله تعالى قد أنزل شيئًا عليهم أو على غيرهم.

(١) ... يس: ١٣ - ١٦.

1 / 129