النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
على أننا نأخذ على الخطيب القزويني، أنه أخرج المحسنات البديعية من دائرة البلاغة، فلم يجعلها أصلية فيها، وإنما جعلها ذيلًا من ذيولها، وذنبًا من أذنابها، لا تجئ إلا تابعة ولا تسموا إلى آفاق الذاتية والأصالة.
فقد قال - بعد أن عرف بلاغة الكلام -: "وتتبعها وجوه أخرى تورث الكلام حسنًا".
وعلق سعد الدين التفتازاني - المتوفى ٧٩٢ هـ على كلامه هذا بقوله: "أي: وتتبع بلاغة الكلام وجوه أخرى سوى المطابقة والفصاحة تورث الكلام حسنًا وفي قوله: (وتتبعها) إشارة إلى أن تحسين هذه الوجوه للكلام عرضي خارج عن حد البلاغة، وأن هذه إنما تعد محسنة بعد رعاية المطابقة والفصاحة" (١).
وقد توهم بعض المعاصرين (٢) أن الخطيب قد جعل مصطلح البلاغة شاملًا المعاني والبيان، والبديع، وأن ذلك منه يعد ميزة اختص بها، وأنه يحمد عليها، فقال:
"من هذا كله ندرك الميزة التي يمتاز بها تعريف الخطيب للبلاغة، والتي تمثلت في أن الرجل قد جعل هذا المصطلح يشمل المعاني والبيان، والبديع".
فكيف يكون الخطيب قد جعل مصطلح البلاغة شاملًا للمعاني والبيان والبديع؛ مع أنه هو نفسه قد جعل البلاغة راجعة إل علمي المعاني والبيان ثم قال: "وتتبعها وجوه أخرى تورث الكلام حسنًا"؟ ! وصحيح أن المحسنات البديعية يمكن أن تدخل تحت مطابقة الكلام لمقتضى الحال إذا
_________
(١) الصبغ البديعي ص ٤٩٨.
(٢) الصور البيانية للدكتور حفني شرف ص ١٩.
1 / 14