النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
وصحيح أنهم قالوا: إن علم البيان لابد له من اعتبار علم المعاني، وأن هذا من ذاك بمثابة المفرد من المركب، ولكن هذا القول المنطقي الجاف ليس كافيًا، فقد قالوا هذا، ثم تناولوا المعاني بعيدًا عن الصور البيانية، وتناولوا الصور البيانية بعيدًا عن المعاني، فحالوا بذلك بين البلاغة والنقد الذي يمارس تقويم النصوص الأدبية على أسس من معايير الجمال التي تعتمد الذوق السليم أساسًا في فهم دقائق المعاني ولطائفها، وإدراك الصور البيانية، وأنماط التعبير عنها، وتذوق الجمال البديعي بين أساليبها (١).
ولعل أول من نبه إلى خطأ المتأخرين في تقسيمهم البلاغة إلى علوم ثلاثة هو الأستاذ أحمد مصطفى المراغي (٢).
فقد قال منكرًا على السكاكي تقسيمه البلاغة إلى علوم ثلاثة - في فصل من كتابه "تاريخ علوم البلاغة "بعنوان: (لا وجه لتقسيمه علوم البلاغة". أقسامًا ثلاثة، ولا لجعله تحسين البديع عرضيًا):
"لا نعلم أحدًا سبق السكاكي إلى قسمة علوم البلاغة الأقسام الثلاثة المعروفة، ولا نرى لهذا التقسيم وجهًا صحيحًا، ولا مستندًا من رواية ولا هواية، فليس هناك جهة للتمايز تفضل كل علم عن ص ١١٥، ولا في أغراض كل علم، ولا في موضوعه، مما يجعله وحدة مستقلة عن العلمين الآخرين في بحوثه ومسائله، حتى يمكن للناظر أن يقتنع بوجاهة هذا التقسيم، ويبرهن على صحته، بل على العكس؛ نرى بينها اتصالًا وثيقًا في الأعراض والمقاصد، واتحادًا في وجهة البحث، فلا يمكن فصل بعضها من بعض، وإن أمكن فعلى نحو آخر غير ما ذكره السكاكي، ومن اقتفوا أثره، وساروا على سنته، دون أن يدلوا بحجة ص ١١٥".
_________
(١) ... نظرية البيان ص ٢٥٤.
(٢) ... تاريخ علوم البلاغة المراغي ص ١١١.
1 / 115