النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٣ هـ
سنة النشر
١٩٨٣ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
بلاغة الكلام:
أسلفنا لك أن البلاغة تكون وصفًا للكلام، وللمتكلم فقط، ولا تكون وصفًا للكلمة المفردة فيقال: كلان بليغ، ومتكلم بليغ، ولا يقال كلمة بليغة، إلا إذا أردنا بالكلمة خطبة أو قصيدة - مثلًا -
فأما بلاغة الكلام، فهي - كما يقولون -. "مطابقة الكلام لمقتضى الحال، مع فصاحته، فإذا جاء الكلام فصيحًا، خاليًا من التنافر، والغرابة، ومخالفة القياس الصرفي، بريئًا من التعقيد اللفظي والمعنوي جاريًا على المشهور من آراء النحاة، وكان مناسبًا للموضوع الذي يقال فيه، ولأحوال السامعين، معبرًا عن مشاعر قائله أصدق تعبير، فإنه يعد كلامًا بليغًا.
لأن قائله يبلغ به غايته، ويصل إلى مراده من نفوس سامعيه، فيؤثر في نفوسهم، ويسيطر على مشاعرهم، ويملك به أزمة قلوبهم.
استمع إلى قول عمرو بن معد يكرب يذكر يومًا كان بين عشيرته وجارتها جرم، وبين بني الحرث بن "كعب" وحليفتها "نهد":
ليس الجمال بمئزر ... فاعلم، وإن رديت بردًا
إن الجمال معادن ... ومناقب أورثن مجدًا
أعددت للحدثان سا ... بغة، وعداء ص ١٠٦
نهدا، وذا شطب يقد ... البيض، والأبدان قدًا
وعلمت أني يوم ذا ... ك منازل كعبًا، ونهدًا
قوم إذا لبسوا الحديد ... تنمروا حلقًا، وقدا
كل امرئ يجري إلى ... يوم الهياج بما استعدا
1 / 106