مسألة اشتراط الصوم في الاعتكاف - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
الشيخين (^١) عن عائشة ﵂: أن النبي ﷺ أراد أن يعتكف، فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه إذا أَخْبِيةٌ: خِباء عائشة، وخباء حفصة، وخباء زينب، فقال: "آلبرَّ تقولون بهن؟ " ثم انصرف فلم يعتكف، حتى اعتكف عشرًا من شوال.
قال الشرقاوي (^٢): وعند مسلم: "حتى اعتكف العشر الأُول من شوال" وفيه دليل على جواز الاعتكاف بغير صوم، لأن أول شوال يوم العيد، وصومه حرام. واعتُرِض بأن المعنى كان ابتداؤه في العشر الأول [ص ٢] وهو صادق بما إذا ابتدأ باليوم الثاني، فلا دليل فيه لما قاله.
قلت: ولسقوط هذا الاعتراض ــ كما لا يخفى على الناظر ــ لم يعتبره علماؤنا، ولا عدُّوه قادحًا، فهم يستدلّون بالحديث المذكور غيرَ ملتفتين إلى ذلك الاعتراض، وقد يَستبعدُ اعتكافَه ﷺ ليوم العيد مَن يَقيسُه على أبناء زماننا في جَعْله يومَ العيد يومَ راحةٍ ورفاهية، وراحةُ رسول الله ﷺ الخلوةُ بمولاه، كما كان يقول: "يا بلالُ، أَرِحْنا بالصلاة" (^٣). والظاهر أنه اعتكف من ليلة العيد، ثم خرج لصلاة العيد، وعاد وأكمل العَشْر.
ومن الأدلة: حديث "الصحيحين" (^٤) عن عمر ﵁ أنه سأل النبي ﷺ فقال: كنت نذرتُ في الجاهلية أن اعتكف ليلةً في المسجد الحرام،
_________
(^١) البخاري (٢٠٣٤) ومسلم (١١٧٣).
(^٢) "فتح المبدي" (٢/ ١٧٠).
(^٣) أخرجه أحمد (٢٣٠٨٨) وأبو داود (٤٩٨٥) من طريق سالم بن أبي الجعد عن رجلٍ من أسلم مرفوعًا. وفي إسناده اختلاف، انظر "العلل" للدارقطني (٤/ ١٢١ - ١٢٢).
(^٤) البخاري (٢٠٤٢) ومسلم (١٦٥٦).
16 / 425