إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ط عطاءات العلم

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
116

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ط عطاءات العلم

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

الباب الثامن في زكاة القلب الزكاة في اللغة: هي النماء والزيادة في الصلاح وكمال الشيء، يقال: زكا الشيء إذا نما، وقال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣]، فجمع بين الأمرين الطهارة والزكاة لتلازمهما؛ فإن نجاسة الفواحش والمعاصي في القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن، وبمنزلة الدَّغَل في الزرع، وبمنزلة الخَبَث في الذهب والفضة والنحاس والحديد. فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة تخلصت القوة الطبيعية منها فاستراحت، فعملت عملها بلا مُعَوِّق ولا ممانع، فنما البدن، فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت قوة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة والمواد الرديئة، زكا ونما، وقوي واشتد، وجلس على سرير ملكه، ونفَّذ حكمه في رعيّته، فسمعت له وأطاعت، فلا سبيل له إلى زكاته إلا بعد طهارته، كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: ٣٠]، فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج. ولهذا كان [١٤ ب] غضُّ البصر عن المحارم يوجب ثلاث فوائد عظيمة الخطر، جليلة القدر (^١):

(^١) انظر: فوائد غض البصر في الداء والدواء (ص ٤١٥ وما بعدها)، وروضة المحبين (ص ١٥٣ - ١٦٦).

1 / 74