علاقة المعسكر النصراني الصليبي بالمسلمين عبر التاريخ ومنطلقاتها الأساسية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السابعة
سنة النشر
العدد الثاني شوال ١٣٩٤ هـ ١٩٧٤ م
تصانيف
واعتماد المعسكر النَّصْرَانِي الصليبي على هَذَا الْموقع وَهَذِه الثروات لَهُ دلَالَته عَنْهُم.. وَهِي: أَن مَصَالِحه الحيوية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعالم الإسلامي، وَلَكِن هَذَا المعسكر بدافع الرّوح الصليبية الحاقدة، والثأر الْقَدِيم، لَا يُرِيد أَن يُعَامل الْمُسلمين مُعَاملَة كَرِيمَة لائقة أَو مُعَاملَة الْمثل بِالْمثلِ على الْأَقَل، وَإِنَّمَا يُرِيد استعمارهم واستعبادهم وإذلالهم والانفراد بخيرات بِلَادهمْ دونهم! وَمن ثمَّ فَهُوَ يدْرك أَنه لن يصل إِلَى مَا يُريدهُ من استعمار الْمُسلمين بخيرات أَرضهم دونهم إِلَّا فِي غَفلَة مِنْهُم وَفِي حَال بعدهمْ عَن مصدر قوتهم وَهُوَ إسْلَامهمْ الْعَظِيم، وَمن ثمَّ يعْمل جاهدًا للإبقاء على الْمُسلمين فِي حَالَة نوم عميق وغفلة طَوِيلَة.. ويحذر حذرا شَدِيدا أَيَّة صحوة لَهُم، ويحارب بِلَا هوادة كل شخص أَو حَرَكَة تُرِيدُ تَنْبِيه الْمُسلمين عملاق مَتى مَا صَحا وعادت إِلَيْهِ قوته بعودته إِلَى دينه ووحدته سيطرة وبقوة على التِّجَارَة العالمية وتحكم فِي صناعات الْعَالم، وَأمْسك بلقمة عيشهم وَفرض هيبته وسلطانه وأخضع كَافَّة المعسكرات الْجَاهِلِيَّة لإرادته وَسَهل عَلَيْهِ بعد ذَلِك نشر دينه بَين شعوبها، وَهَذَا مَا تحذره وتخافه أَشد الْخَوْف والحذر - كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَعنا فِي الْفَقْرَة الثَّالِثَة والأخيرة - ... وَيضمن لَهُ استعمار الْعَالم الإسلامي واستعباد شعوبه والانفراد دونهم بخيراتهم هُوَ نشر النَّصْرَانِيَّة وأفكارها بَين الْمُسلمين وتغريبهم (أَي نشر الأفكار الغربية بَينهم) ١ وكل مَا من شَأْنه أَن يضعف صلَة الْمُسلمين بِإِسْلَامِهِمْ ويردهم عَنهُ..وَمن هُنَا كَانَ الاهتمام الْكَبِير من الحكومات والمؤسسات الاقتصادية والهيئات السياسية فِي المعسكر النَّصْرَانِي الصليبي بالتبشير والأعمال التبشيرية فِي الْعَالم الإسلامي، والإنفاق بسخاء على المبشرين الَّذين يعْملُونَ بَين الْمُسلمين، وينشرون الْفساد والإنحلال فِي مجتمعاتهم.
ورد فِي كتاب الْغَارة على الْعَالم الإسلامي مَا يَلِي:
_________
١ - انْظُر خطاب القسيس زويمر فِي نِهَايَة هَذِه المحاضرة.
1 / 107