علاقة المعسكر النصراني الصليبي بالمسلمين عبر التاريخ ومنطلقاتها الأساسية
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السابعة
سنة النشر
العدد الثاني شوال ١٣٩٤ هـ ١٩٧٤ م
تصانيف
مِمَّا يُفِيد أَن عداوتهم لَيست عرضية زائلة بل هِيَ أصيلة طَوِيلَة الأمد لَا يُرْجَى لَهَا زَوَال مَا دَامَ على الأَرْض كفر وكفار.
هَذَا وَقد نَشأ عَن هَذَا العداء الْأَصِيل للْمُسلمين من قبل غَيرهم حقيقتان تاريخيتان هما:
الأولى: اسْتِحَالَة الْمصلحَة والتعايش بِسَلام دَائِم بَين الْمُسلمين وَأي من المعسكرات الْجَاهِلِيَّة سَوَاء كَانُوا الصهاينة أَو الصليبيين أَو الْمُلْحِدِينَ أَو الوثنيين، وَقد بيّن رَسُول الله ﷺ اسْتِحَالَة هَذَا اللِّقَاء والتعايش واستحالة الْمُصَالحَة بَين الْمُؤمنِينَ والكافرين بقوله: "لَا ترَاءى ناراهما".
وَإِذن لَا يُمكن أَن يتعايش الْمُؤْمِنُونَ الْمُسلمُونَ مَعَ الْكَافرين أيًا كَانَ دينهم ومعسكرهم إِلَّا إِذا أمكن أَن يعِيش الْإِيمَان إِلَى جَانب الْكفْر فِي قلب رجل وَاحِد، وَهَذَا مُسْتَحِيل، نعم مُسْتَحِيل لِأَن المعركة قَائِمَة مُنْذُ بَدْء الْحَيَاة البشرية إِلَى مَا يَشَاء الله تَعَالَى بَين الْإِيمَان وَالْكفْر، وَبَين الْإِسْلَام والجاهلية بَين الْهدى والضلال بَين الْحق وَالْبَاطِل، بَين التَّوْحِيد والشرك.. وَمن ثمَّ فالمعركة قَائِمَة ومستمرة بَين الْمُؤمنِينَ الْمُسلمين أَتبَاع الْحق وَالْهدى، أهل التَّوْحِيد وَبَين الْكَافرين أَتبَاع الْبَاطِل والضلال أهل الشّرك والوثنيات..
أما سَبَب هَذِه المعركة الطَّوِيلَة الأمد وسرها فَهُوَ الْخلاف الْأَصِيل والمناقضة التَّامَّة بَين الْإِسْلَام وطبيعته وَمَا يهدف إِلَيْهِ فِي حَيَاة الْبشر، وَبَين الْكفْر وطبيعته وَمَا يهدف إِلَيْهِ فِي حَيَاة الْبشر..
الْإِسْلَام بِمَا فِي طَبِيعَته من حق يُرِيد تَحْرِير النَّاس من الْعُبُودِيَّة لغير الله ﵎ أيًا كَانَ شكل هَذِه الْعُبُودِيَّة وصورتُها، وَيُرِيد إخلاصها لله - تَعَالَى - وَحده، فَلَا يعبد غير الله - تَعَالَى - مَعَه أَو دونه.
أما الْكفْر فبمَا فِي طَبِيعَته من بغي (ممثلًا بإبليس عَلَيْهِ لعنة الله - وجنده وأوليائه) فيريد فتْنَة النَّاس عَن دين الله ﵎ وتعبيدهم لغير الله - سُبْحَانَهُ -.
1 / 89