المستدرك على معجم المناهي اللفظية
الناشر
دار طيبة النشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
الرياض - السعودية
تصانيف
وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ (^١).
لقد فقه السلف مسؤولية الكلمة، وعرفوا أمانتها، ووعوا خطورتها؛ فهذا صدِّيق هذه الأمة: أبو بكر ﵁ كان يضع حصاة في فيه يمنع بها نفسه عن الكلام، وكان يشير إلى لسانه ويقول: "هذا الَّذي أوردني الموارد" (^٢).
وكان عبد الله بن مسعود ﵁ يقول: "والله الَّذي لا إله إلَّا هو! ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان"، وقال طاووس: "لساني سبع؛ إن أرسلته أكلني" (^٣).
لقد فهم سلفنا الصالح وعلموا أن النجاة في كف اللسان إلَّا من ذلك الَّذي أشار إليه القرآن في التناجي بين النَّاس؛ ولهذا سأل عُقبة بن عامر الجهني رسول الله ﷺ قائلًا: ما النجاة؟ قال: "أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك" (^٤).
قال النَّووي ﵀: "أعلم أنَّه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلَّا كلامًا ظهرت فيه المصلحة، ومتي استوى الكلام وتركه في المصلحة؛ فالسنة الإمساك عنه؛ لأنَّه قد ينجرُّ الكلام المباح إلى حرام أو مكروه؛ وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء" (^٥).
وقد يقول قائل عند التنبيه بما تقدَّم: "إنني عند تكلمي بالكلمة السيئة
_________
(^١) سورة النور، الآية (١٥).
(^٢) رواه مالك في الموطأ برقم (١٨٥٥).
(^٣) انظر: جامع العلوم والمحكم، لابن رجب الحَنْبَلي، شرح حديث: "قل آمنت بالله ثمَّ استقم".
(^٤) أخرجه ابن المُبَارَك في الزُّهْد، وأحمد والتِّرْمِذِيّ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم (٨٩٠).
(^٥) رياض الصالحين، للإمام النَّووي، باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان.
1 / 12