والمنحرفين؛ لأن الإيمان يقتضي ويتضمن القول والعمل وكذلك الاعتقاد والتطبيق والتنفيذ، وكل ذلك يدخل تحت مُسمى الإيمان بالغيب.
وحسبُ الإنسان أن يخرج عن الطريق المستقيم، وعن الجادة؛ لتتشعب به الطرق، ويذهب كل مذهب، وهذا ما حدث لمن لم يؤمن بالله ﷿.
الآية الثانية:
قال تعالى: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ إبراهيم: ١٠، نجد أن هذه الآية تردُ على بدعتين متقابلتين، وبيان ذلك فيما يلي:
- أولًا: بيان وجه رد الآية على بدعة التفريط
في هذه الآية رد على الملاحدة المنكرين لوجود الله ﷿ في قوله: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ﴾، وفي هذا إثارة فطرية المعرفة في نفوس المكذبين؛ لأن الفطرة السالمة من المؤثرات مطبوعة على الاعتراف بالخالق، والإيمان به.
ولا شك أن من رحمة الله ﷿ ولطفه بعباده أن جعل أدلة وبراهين ربوبيته فطرية ظاهرة، يؤمن بها ويدركها أقل الناس حظًا من العلم والنظر، بل إن الأدلة لوضوحها وظهورها تضطر الإنسان اضطرارًا إلى الإيمان بخالقها وموجدها ربًا وخالقًا، فظهر بهذا بطلان عقيدة الملاحدة وتهالكها.
والاستفهام في هذه الآية: تقريري أتى على وجه الإنكار والتوبيخ لنفي ما اعتقدوه، أي: ليس فيه شك، فهو الخالق المستحق للربوبية وحده؛ لأنَّ وجوده ووحدانيته أمر لا يحتمل الشك، لظهور الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة على ذلك (١).
(١) ينظر: تفسير السمعاني (٣/ ١٠٧)، تفسير البغوي (٣/ ٢٧)، ومجموع الفتاوى (١٦/ ٣٣٩)، وأضواء البيان (٣/ ٤١٤)، ومنهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام (١/ ٤١٨).
1 / 223