القبلة وقضاء الحاجة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
وعلى هذا فنقول: قد ذكروا أن قبلة المسجد النبوي مقطوع بمُسامتتها للبيت، وفي بعض الآثار أن جبريل أقامها للنبي ﵌ (^١)، فيحتمل مثل ذلك في بيت المقدس لما كان قبلةً، وإذا علم النبي ﵌ السمتَ الذي يستقبل به بيت المقدس تمامًا، والسمت الذي يستقبل به الكعبة تمامًا، فقد علم أنه إذا استقبل بيت المقدس لم يكن مستدبرًا البيتَ، بل منحرفًا عنه كما مر.
وأما الأمر الثاني؛ فقد تقدم الجواب عنه قريبًا. وقوله في حديث أبي أيوب: "ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا" يحتمل أنه عند الاشتباه كما مر، ويحتمل أن يكون المراد: فانحرفوا إلى جهة الشرق أو إلى جهة الغرب. فإن مَن كان مستقبلًا بعض الربع الجنوبي إذا مال عنه يَسْرةً صَدق عليه أنه شرَّقَ، أو يَمنةً صَدق أنه غرَّب، وإن كان مع انحرافه لا يزال مستقبلًا بعضَ الجنوب.
وقد يحتمل أن يكون الأمر بالتشريق أو التغريب أريد بهما جعلُ القبلة عن اليمين أو اليسار تمامًا، ولكن يكون ذلك عند التيسر، ولما كان يكثر التعسير في البيوت اكتُفي فيها بالتحرُّف، كما قال أبو أيوب: "فننحرف ونستغفر الله". ولما كان الانحراف في البيوت كافيًا جاز بناء المرحاض فيها منحرفًا فقط، وإن أمكن خلافه، على أنه قد لا يتيسر في البيوت الضيقة بناء المرحاض بحيث تكون القبلة عن يمين القاعد فيه أو يساره تمامًا، وقد يجوز أن يكون ذلك الموضع الذي في بيته ﵌ اتخذ قبل نزول الحكم،
_________
(^١) ذكر ذلك شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (٢٧/ ٤٢٠) نقلًا عن مالك قال: بلغني أن جبريل هو الذي أقام قبلته للنبي ﷺ. وانظر "المغانم المطابة" للسمهودي (٢/ ٧٧).
16 / 24