البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث القاهرة
رقم الإصدار
سنة ٢٠٠٦ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
الاستعارة
الاستعارة في اللغة: طلب العارية، والعارية هي ما تداولوه بينهم، فهي مأخوذة من قولهم: استعرت الشيء استعارة، فإذا ما استعرت كتابًا من صديق- مثلًا- فأنت مستعير، والصديق مستعار منه، والكتاب: مستعار، وهذه العملية كلها تسمى: استعارة.
فإذا ما أخذت لفظًا موضوعًا في اللغة لشيء، ووضعته لشيء آخر، كنت قد استعرت ذلك اللفظ، غير أن الاستعارة لا تأتي إلا بعد المبالغة في التشبيه ثم تناسيه.
وقد علمت أنه يشترط في المجاز أن يكون هناك قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي للفظ.
فالاستعارة إذن: هي اللفظ المستعمل في غير المعنى الذي وضع له لعلاقة المشابهة، مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي.
وذلك كما في قول زهير:
لدى أسد شاكس السلاح مقذف ... له لبد أظفاره لم تقلم
يقول: أن عند أسد، أي رجل شجاع مقدام، فشبهه بالأسد، ثم استعار له لفظ الأسد، وكقول أبي الطيب المتنبي- وقد قابله الممدوح وعانقه-:
ولم أر قبلى من مشي البحر نحوه ... ولا رجلًا قامت تعانقه الأسد
فقد شبه الممدوح الاستعارة أن تقول: شبه الرجل الشجاع بالأسد في الجرأة والإقدام، ثم تنوسي التشبيه، وادعى أن المشبه فرد من أفراد المشبه به، وداخل في جنسه، ثم استعير لفظ المشبه به، وهو الأسد للمشبه وأطلق عليه باعتباره أحد أفراد الأسد، ومثل هذا يقال في كل استعارة.
وأركان الاستعارة- كما رأيت في تعريفها- ثلاثة:
1 / 41