البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث القاهرة
رقم الإصدار
سنة ٢٠٠٦ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
الحقيقة والمجاز اللغويان
وقد قيدوا- هنا الحقيقة والمجاز باللغويين، ليخرجوا الحقيقة والمجاز العقليين، لأنهما يكونان في إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له، فيكون حقيقة عقلية كإسناد الشفاء إلى الله تعالى في قولك: شفى الله المريض، أو في إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له، فيكون مجازًا عقليًا، كإسناد الشفاء إلى الطبيب في قولك، شفى الطبيب المريض.
أما الحقيقة والمجاز اللغويان، فيكونان في استعمال اللفظ فيما وضع له، أو في غير ما وضع له، فإذا استعمل اللفظ فيما وضع له، فهو الحقيقة اللغوية وإذا استعمل في غير ما وضع له فهو المجاز اللغوي.
فالحقيقة اللغوية: هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح به التخاطب.
وقد احترزوا بقولهم: "المستعملة" عن الكلمة قبل الاستعمال، لأنها لا تسمى حقيقة، وبقوله "فيما وضعت له" عن أمرين هما:
أولًا: الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له غلطًا، كأن تريد أن تقول لصاحبك: خذ هذا الكتب- مشيرًا إلى كتاب بين يديك- فقلت غلطًا: خذ هذا القلم.
ثانيًا: المجاز اللغوي: وهو ما استعمل في غير ما وضع له، كلفظ الأسد إذا استعملت في الرجل الشجاع.
واحترزوا بقولهم: "في اصطلاح به التخاطب" عما استعمل فيما وضع له لا في إصلاح (ص ٣١) به التخاطب، كلفظ الصلاة إذا استعمله المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازًا.
والمجاز اللغوي قسمان: مفرد ومركب، أما المفرد فهو: "الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح به التخاطب على وجه يصح مع قرينة عدم إرادته"
وأما المركب فلا مجال للحديث عنه الآن.
1 / 31