البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع

حسن إسماعيل عبد الرازق ت. 1429 هجري
156

البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع

الناشر

المكتبة الأزهرية للتراث القاهرة

رقم الإصدار

سنة ٢٠٠٦ م

مكان النشر

مصر

تصانيف

د- كون المعمول محط الإنكار، كقولك: (أفي الشر تسعى وقد جريت عواقبه؟ !) فأنت لا تنكر عليه (سعيه) وإنما تنكر عليه أن يكون السعي منه في الشر، وقد عرف سوء عاقبته. ومثال ذلك قول الشاعر: أحين عسا غصني طرحت حبائلي ... إلى فهلا ذاك وهو رطيب!؟ فهو ينكر عليها أنها حولت قلبها عنه، وتسلت عنه بغيره، حينما ولت نضارته، وذبلت زهرة شبابه، ويعيب عليها عدم الوفاء له، فهو لا ينكر عليها طرح حبائله مطلقًا، وإنما محط إنكاره أن يكون ذلك منها في وقت ذبل فيه غصنه وذهبت نضارته. وكقول الشاعر: أكل امرئ تحسبين أمرًا ... ونار توقد بالليل نارًا؟ ! قدم المفعول ليفيد أن الإنكار مسلط عليه، إذ هو ينكر عليها: أن الناس في حسبانها متساوون، لا فرق بين كامل وناقص، كما أنه ينكر عليها: أن كل نار - في زعمها- نار كرم وسماحة. هـ- موافقة كلام السامع كما تقول "الله دعوت" و"بالنبي توسلت" في جواب: "من دعوت؟ " و"بمن توسلت؟ " فتقدم المعمول ليكون مرافقًا مقابله في كلام السائل. و- المحافظة على الوزن، أو رعاية الفاصلة فمثال الأول قول الشاعر: سريع إلى ابن العم يلطم وجهه ... وليس إلى داعي الندى بسريع أي: إن نزعة الشر فيه غالبة، فهو إلى الضر والأذى أسرع منه إلى الإحسان والخير. ومثال الثاني: قول الله تعالى: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾ [الحاقة: ٣٠ - ٣٢].

1 / 156